هل من الممكن أن نتصور وجود 500 طيار سعودي معطلين عن العمل وهم على أرض الوطن وليسوا في دار الغربة؟ نعم. من الأسف الشديد أقول لكم إن هؤلاء الطيارين موجودون.
هؤلاء هم رجال من أبناء الوطن درسوا علوم الطيران، وتم تعطيلهم ليجلسوا في منازلهم بحيث يعمل بدلا منهم الأجانب ويأخذ وظائفهم غيرهم. مع أن لهؤلاء الأجانب قصص وحكايات تحتاج إلى وقفة ومراجعة وفتح ملفات.
فهؤلاء الطيارون الأجانب، في الغالب لا يكملون العمل في الخطوط السعودية أكثر من عام واحد، لأن هدف المجيء للعمل في السعودية هو الحصول على برنامج (تأهيل النوع). هذا البرنامج رسومه مرتفعة جدا في الدول الغربية خاصة، لذا يأتي هؤلاء الطيارون إلى المملكة ويحصلون على هذا البرنامج «مجاناً» على نفقة الخطوط السعودية، بعدها يعودون إلى أوطناهم سالمين غانمين كاسبين كمكسب المنشار، بعضهم يعمل لأقل من سنة وبعضهم يُنهي البرنامج ويعود إلى وطنه فوراً، في فعل فاضح على أن حضوره للسعودية من أجل هذا البرنامج.
أما أبناؤنا فهم محرومون من الدراسة المجانية في هذا البرنامج ومعظمهم يقومون بدراسته على حسابهم الخاص في الخارج، ومع ذلك لا يحصلون على وظيفة، ويكون متخرجاً بمسمى طيار (لا) يطير.
هؤلاء الشباب وضعت عليهم شروط أشبه ما تكون بالتعجيزية، الغريب أن هذه الشروط لا يمر عليها الطيار الأجنبي، وإذا طالبوا بمساواتهم بالأجانب، يكون الرد: «أوامر السلامة الجوية».
مع أنهم درسوا برنامج السلامة الجوية والطيارون الأجانب لم يدرسوه! إن هذه الحكاية ليست من بنات أفكاري، ولم يرسلها لي قارئ أو اثنان أو عشرة، بل هي حكاية معلنة على موقع التواصل الاجتماعي -الفيس بوك- في مجموعة يجتمع فيها هؤلاء الشباب «المعطلون» لمناقشة هذه القضية التي تخص 500 طيار عاطل، وبالتالي مصلحة هذا الوطن.
أتصور، أن الخطوط السعودية تحتاج إلى أن توجه جواباً للوطن ولأبناء الوطن جميعاً عن هذه القضية التي وصلت إلى موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك حيث يقرأها كل أحد ويراها كل من يمر. فنهج الحكومة السعودية واضح منذ زمن بعيد حول توظيف السعوديين حتى وإن كانت رواتبهم أعلى من رواتب الأجانب، وقد كانت شركات القطاع الخاص تتحجج بارتفاع مرتب السعودي، فما بالك الآن ونحن أمام حالة يكون فيها مرتب السعودي هو الأقل وراتب الأجنبي هو الأكثر بكثير، أضف إلى هذا أن الطيران هي من المهن التي برع فيها السعوديون بحق، يضاف إلى كل هذا أن السعودي يبقى لمدة 15 سنة يخدم وطنه تحت مسمى مساعد طيار يجوب فيها العالم في رحلات دولية طويلة ومضنية، وبعدها تتم ترقيته إلى مرتبة طيار في مجال الرحلات الداخلية، أما الأجنبي فكما قلت لا يعمل إلا سنيات قليلة ويندر أن نجد فيهم من خدم لمدة خمس عشرة سنة في الرحلات الدولية.
إنني أطالب الإداريين والمسئولين في الخطوط السعودية أن يجيبوا وإن كانوا (لا) يجيبون، وأريد ممن وضعت الأمانة في أعناقهم أن يجيبونا عن هذه الممارسة الغريبة التي لا ندري ما هي المصلحة الوطنية التي تكمن وراءها، فلعلهم أن ينورونا، على أمل أن نتخلص من عقدة الأجنبي!
www.salmogren.net