الجزيرة - الرياض:

تحتاج لدقة الملاحظة أحياناً لاكتشاف مشهد لافت، لكن في المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي كان الأمر يتطلب المرور من أمام جناح جامعة صوفيا حيث سترى شاباً يابانياً يقف مرتدياً ثوباً وشماغاً ويتحدث بروح مرحة قد تتحول أحياناً إلى ابتسامة مقرونة بتهذيب بالغ يوصل به للجمهور عدم رغبته في التقاط الصور له بهواتفهم النقالة، وفي المقابل.. يسمح بذلك فقط لمن يحمل بطاقة المعرض الإعلامية، إنه غوتو هوداكا الذي يزور منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى في حياته، ويخبرني بسر تعمده ارتداء الزي السعودي «فكرت في أنه من الصعب أن أتكلم أو أفهم اللغة العربية، ولكن الأسهل أن ارتدي ملابس عربية فهذا سيكون قابلاً لفهم الجميع»..هوداكا قال إنه يريد أن يفهم أهل المملكة أنه يكن تقديرا كبيرا لهم ولخادم الحرمين الشريفين مشيراً في هذا الصدد إلى الوقفة السعودية مع اليابان في كارثة الزلزال الأخير، وحين مازحته بأن درجة قرب جامعته من مفاعل فوكوشيما قد تحدد مستوى رغبة الطلاب في تلقي «إشعاعها» العلمي، أجاب مبتسما «اطمئن، نحن نبعد بأكثر من 200 كيلو متر عن فوكوشيما.. بالمناسبة، حتى طوكيو في مأمن تام منه!»

وفي الوقت الذي كان ياشينو ماساكي زميل هوداكا في الجناح يقترح علي الكتابة بشأن تقصير مدة المعرض ليكون من 9 صباحاً إلى 5 عصراً كما هو الحال في المعارض اليابانية، كان «الياباني السعودي» قد ترك لأحد الزوار أن يضبط له وضعية الشماغ، قبل أن يعود مجدداً ليشرح لعدد من الطلاب عن برامج جامعة صوفيا وعدم اقتصارها على اللغة اليابانية، بينما يبتسم باستمرار للمارين الذين يلقون التحية مصحوبة أحياناً بكلمة «نايس» إعجاباً بالتعايش البصري السلمي بين ملامحه وهيئته، فيما يخبرني هوداكا أنه أحب الوجبات التي تناولها في المملكة، وأنه سيحرص على المشاركة في العام المقبل مرتدياً الزي ذاته!.

الشاب الياباني قال إنه تفاجأ من احترافية المعرض ووقف بنفسه على حراك التعليم العالي في السعودية معتبراً أن هذا الحدث أتاح لهم معرفة الكثير من الأنظمة الجامعية المتطورة والاستماع إلى أراء مهمة من خبرات عالمية شتى، وربما ليست هذه الفائدة الوحيدة فقد وجد هوداكا صديقاً قديماً له في جناح جامعة ساوباولو البرازيلية المجاور لجناحه، يعلق «لم أتوقع يوماً إنني سأراه مرة أخرى، أنا عاجز عن شكر هذا المعرض!»