|
الجزيرة - الثقافية :
كتاب (الوزير المرافق) للدكتور غازي القصيبي -رحمه الله - يظل واحداً من أمتع الكتب بما تضمنه من ذكريات وحوارات مع عدد من الشخصيات العالمية.. حيث رافق الدكتور القصيبي عدد من رؤساء الدول الذين يزورون المملكة في أعوام مضت.. وقد سجل ذكريات تلك الأيام ونشرها عبر كتاب الوزير المرافق تاركا الانطباعات كما هي وكما دونها أول مرة منذ سنين طويلة دون تصحيح أو تعديل..
وقد تضمن الكتاب اعتراف الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بأن القادة السعوديين كانوا الوحيدين الذين يقولون في العلن ما يقولونه في المحادثات الخاصة. ومن القادة الآخرين سيدة الهند الحديدية أنديرا غاندي.. والرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.. والمستشار الألماني هيلموث شميدث.. ورئيسة وزراء بريطانيا تاتشر.. والرئيس الفرنسي ميتران.. ورئيس أوغندا عايدي أمين.. والعقيد معمر القذافي.. والأخير كان له حكايات وطرائف وغرائب نقتطف منها هذه القصة:
يقول د. القصيبي: في ثاني أيام الزيارة إلى ليبيا أصطحبنا العقيد معمر القذافي في رحلة طويلة إلى الجبل الأخضر وهو مشروع زراعي ضخم أقامه الإيطاليون وتحول إلى مشروع حكومي ثم وزعه العقيد على الفلاحين على أساس أن الأرض لزارعها.. في آخر لحظة ارتأى العقيد أن نستقل حافلة بدلاً من السيارات الصغيرة.
وهكذا أتيح لنا أن نقضي أكثر من ثلاث ساعات في نقاش يرق ويعنف مع الأخ العقيد.. بدأت الرحلة بمجموعة من الأوامر السريعة المتلاحقة وجهها العقيد إلى عبدالسلام جلود:
- عبدالسلام! «دير قهوة وشاي»..!
- عبدالسلام! «أخبر الشرطة ألا يسرعوا!»
- عبدالسلام! «ما قلت لك دير قهوة وشاي؟»
- عبدالسلام! «قل للشرطة أن يمشوا بدون إطلاق الصفارة!
- عبدالسلام!
وكان الرائد عبدالسلام يقفز ويعود إثر كل أمر من هذه الأوامر وكانت لهجة العقيد جارحة لا يستطيع الرجل المهذب أن يستخدمها مع خادم في منزله..
- كان من الواضح أن قادة الثورة الآخرين هم بدورهم مجرد ظلال باهتة للأخ العقيد..
شعرنا جميعا بالحرج ونحن نرى هذا الأسلوب في المعاملة.
- خلال هذه الرحلة أتيح للأخ العقيد أن يتحدث عن الكثير من أفكاره ونظرياته. بدأ برأيه في السنة النبوية وقال عن كتابه الأخضر: نظريتي هي طريق المستقبل لا للعرب والمسلمين فحسب بل للعالم الثالث كله وللبشرية كلها.
وقال العقيد: سمعت أن الناس في المملكة يتخاطفون الكتاب الأخضر وأكثر من يطلبه الفتيات..
وعلق د. القصيبي في كتابه على ذلك بقوله:
ماذا سيكون شعور العقيد لو أدرك أن عدد الذين قرأوا الكتاب الأخضر في المملكة لا يتجاوز الخمسين!!