تعيش كثير من الدول بمختلف ثقافاتها ومشاربها على السياحة كمورد هام من الموارد الاقتصادية؛ حيث تمثل للبعض المورد الرئيسي والمورد الثاني لآخرين، بل أصبحت السياحة صناعة لها مكوناتها ومنطلقاتها.
ومملكتنا الحبيبة ليست استثناء في مسألة العمل على تنمية المنتج السياحي وتطويره باعتباره موردا اقتصاديا لا ينضب، وأيضاً باعتبار التفكير في هذا الجانب ضرورة ملحة لتوطين السياحة وأيضاً باعتبار التفكير في هذا الجانب ضرورة ملحة لتوطين السياحة أولاً وجذب المبالغ التي ينفقها السائح السعودي في السياحة الخارجية، وهي مبالغ كبيرة تقترب من عشر مليارات دولار سنوياً، إن لم تتجاوزها، وثانياً لوجود مقومات السياحة الناجحة من حيث تنوع التضاريس؛ فهناك البحر والصحراء والجبال والمناطق الاثرية ناهيك عن المقدسات الإسلامية، وهو أمر ليس بخاف على ولاة الأمر؛ فقد أنشئت الهيئة العليا للسياحة؛ لكي تنهض بهذا الأمر، وأسندت رئاستها إلى شخصية قادرة على صنع الإنجاز بحده الأقصى.
ورغم الجهود العظيمة والمباركة التي بذلها ويبذلها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة إلا أن الأمر لا يتعلق بالهيئة وحدها، بقدر ما يتطلب خطة وطنية شاملة يتكامل فيها جهد القطاع الخاص مع القطاع الحكومي لتحقيق القفزة النوعية المطلوبة في هذا القطاع، وهو أمر يتطلب من وجهة نظري استلهام ما تم في تنمية القطاع الصناعي على سبيل المثال من خلال صندوق تنمية الصناعات ودعم الصادرات، ويتطلب الأمر إنشاء صندوق لتنمية القطاع السياحي. والمعول في هذا الأمر على حنكة وخبرة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية الذي أشرف على إنشاء وتوجيه الصناديق المختصة ودعم الصناديق القائمة وإثرها الإيجابي الذي أحدثته.
وجانب آخر، يمكن أن يحل المسألة مرحليا إلى حين إنشاء صندوق دعم النشاط السياحي وهو توجيه صندوق الاستثمارات العامة ومن خلال المبالغ المرصودة له في ميزانية 1432هـ توجيهه إلى دعم القطاع السياحي وتمويل العاملين في هذا المجال بالقروض النوعية التي ستمكن من تحسين الخدمات في القطاع السياحي إلى المستوى الذي يشكل عامل جذب حقيقيا للسائح السعودي ويقدم له البديل عن السياحة الخارجية التي تمثل هدراً للمال، وللوقت أيضاً إلى جانب ما تقدمه السياحة من فرص عمل مباشرة للشباب السعودي.
وقد تابعنا خلال الأيام الماضية جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان في البحث عن الآثار وحمايتها بدءا بمدينة الرياض ومحافظة الخرج، وشحذه لهمم المواطنين بقوله: أريد أن أجعل من 19.5 مليون مواطن حراساً للآثار، وستتواصل جهوده النوعية والمثمرة على عموم مناطق المملكة لاستخراج الآثار وحمايتها من العبث وصيانتها.
الجانب الثاني المطلوب تنفيذه، ولا شك أنه وارد في أجندة الهيئة العامة للسياحة للعام الحالي، وهو عملية مسح لمناطق السياحة على شواطئ المملكة في البحر الأحمر والخليج العربي وتحديدها وطرحها للاستثمار بعد أن تؤول ملكيتها للهيئة، وتسلم من قبل الهيئة للمستثمرين القادرين على تنفيذ مشروعات تلبي الطموحات ودعم هؤلاء المستثمرين وفقا لمنهجية الدعم الذي يلقاه القطاع الصناعي وأصبح معه المنتج السعودي يغزو العالم وبجودة مسلَّم بها.
* رئيس مجلس إدارة مجموعة البيان القابضة