في يوم السبت الموافق 28-4-1432هـ تلقيت رسالة على الجوال مفادها (يسعدني أن يكون لي في يوم وداعكم فرصة اللقاء بكم في جلستنا مغرب يوم الاثنين 30-4-1432هـ في مركز الملك فهد الحضاري.. محبكم مساعد السليم..) وبقدر ما في تلك الرسالة من اللطف والود وإنكار الذات إلا أنها كانت قاسية علينا وخاصة كلمة (يوم وداعكم) ولأن الأخ الكريم والأستاذ الفاضل والصديق العزيز مساعد اليحيى السليم محافظ عنيزة له في قلوبنا من الحب ما لا يوزن بالمكاييل لذلك آثرت حضور المناسبة وفي داخلي من الحزن الشيء الكثير.. حضرت واستقبلني في المدخل بالترحاب كغيري من المدعوين وفي داخلي آهات حزينة لم تمكني من التفوه بكلمة واحدة لرد التحية فقد أغلقت العبرات قنوات الحديث داخلي وتركت المشاعر تنوب عنها.. جلست في المكان المعد للمناسبة الذي ما لبث أن اكتظ بالحضور وزاد عن الاستيعاب، واستمر فريق العمل بالمركز بزيادة المقاعد لاستيعاب الحاضرين حتى نفدت المقاعد، وبقي عدد من الحضور واقفاً يراقب المشهد.. ولسوء الحظ لم تعمل الإذاعة بالشكل المطلوب، واضطر سعادة المحافظ لمواجهة الحاضرين بالتخاطب المباشر دون مكبر للصوت، وكان موقفاً زاد فينا فيض المشاعر.. وكثيراً ما تعثرت الكلمات في صدر (أبي فيصل) لأنه يتحدث إليهم بقلب صادق وأمام حشد تجشم الحضور تقديراً وإكباراً لسعادته.. تحدث بصوته الجهوري المعهود الذي يهيج فيه عواطف الحاضرين وهو يتحدث عن معشوقته عنيزة.. مشدداً على الاستمرار في استنهاض الهمم من أجل رفعة عنيزة.. ولن أبالغ حينما أقول: إنه ورد اسم عنيزة في حديثه الذي لم يتجاوز العشرين دقيقة أكثر من ثلاثين مرة.. وسأورد بعض ما جاء في تلك المواجهة العاطفية حيث قال:
(استطعنا بفريق عمل عنيزة من تحقيق إنجازات كثيرة).. (خلال عشر سنوات عملت فيها بدأت فيها مع والدي وقائدي أبي عمر الذي هيأني ودربني وقدمني للمجتمع بصفة القيادة).. (أنا أراهن بأن لعنيزة مستقبلا باهرا بوجود أخي محافظ عنيزة الرائد فهد السليم والذي يحتاج وقفتكم ودعمكم جميعاً..).
هذه بعض العبارات التي اقتطفتها من حوار المودع خلال لقاء العبرات.. الذي قال فيه أيضاً (إنني أعتذر عن عدم قدرتي على ترتيب الكلمات فقد ضاع بعضها مع تلون المشاعر بلطف حضوركم..) وأخجلني جمعكم في هذه المناسبة فقد سرقت العواطف ما كنت قد حضرته في ليلة الوداع.
إلى هنا أتوقف عن سرد دراما تلك الليلة.. والتي يحق لنا أن نسميها ليلة إفراز العواطف وفيض المشاعر.
أما قلمي المتواضع فإنه حينما يتحدث عن ذلك الموقف فإنه سيقول لا يا أبا فيصل لا تعتذر على جموح الكلمات وترقرقها بنبض العاطفة الجياشة.
وأقول لأبي فيصل العاشق لعنيزة.. لولا حبك لمعشوقتك.. ورقة مشاعرك أثناء حديثك المباشر مع محبيك من أهالي عنيزة لما تحشرجت الكلمات قبل أن يلامس صداها آذانهم.
ودعتنا تلك الليلة بين الابتسامة والحزن.. ابتسامة على ما قدمته خلال السنوات العشر الماضية.. وحزن مفارقة المعشوقة والابتعاد عن ميدان العمل مع فريق عنيزة.
ونحن بدورنا نقول شكراً أبا فيصل على ما قدمته لعنيزة.. فلقد كان مسلسل العمل لرفعة عنيزة في حقيبة مسؤولياتك اليومية برأس القائمة.. وكان العمل لرفعة عنيزة حلقات لا نهاية لها.. وبعد كل إبداع يزداد لديك الدافع لإبداع جديد في مجال آخر.. وقفت في كل المناسبات رئيساً وإعلامياً ومنسقاً وداعماً وبعد الحدث تكيل للفريق جزيل الشكر وعاطر التقدير وعظيم الامتنان وكأنك لم تشارك مع الفريق ولو بجزء من العمل.. أيقظت الطموح فتدفقت البرامج واستنهضت الهمم فتوالت الفعاليات وأجزلت الثناء فتدفق المتطوعون لنيل شرف العمل تحت قيادتكم.
أبا فيصل حينما أسأل نفسي عن مشاعري في ما بعد الوداع فإني لا أستطيع الجزم بأي عاطفة سيكون الرد.. هل أفرح لك بعد الترجل من اللهث لأجل عنيزة والبحث عن الراحة بعد عناء عقد من الكدح والسهر والقلق والاستنفار الدائم ومراقبة خطط الريادة وإغداق الوقت بين لجان التطوع وإنكار الذات لأجل رفعة عنيزة.. والسفرات المكوكية لإقناع أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في عنيزة..؟ أم أحزن على خلو خارطة الطريق من قائد الإنجازات ومهيج القدرات..!! ألا أحزن على من بدل تعب العمل إلى متعة في تشجيعه وتجييره النجاح لذاك الفريق..!!
ألا نحزن على فراقك وأنت الذي تجعل من الصعب سهلاً بدعمك وتشجيعك وحماسك وشحذك للهمم..!!
ألا نحزن على فراقك وأنت تقابل الصغير كبيراً في لطفك وتقديرك.. وتسامحك مع المتجاوز بلغة الأفاضل الكبار أصحاب القلوب الرحيمة..!!
فالحزن فينا على وداعك سيبقى حتى نعتاده ويكون أمراً واقعاً نتذكر معه محاسنك التي بقدر ما نفخر بها نجزع منها حينما تحرك ذكرى رحيلك بداخلنا.. ومثل ما ذكر مدير أوقاف ومساجد عنيزة فضيلة الشيخ فهد الخليفة في مداخلة له أثناء اللقاء حيث قال (أتمنى من الأستاذ مساعد السناني الذي قام بتأليف كتاب عن الأستاذ الفاضل عبدالله اليحيى السليم -أبو عمر- محافظ عنيزة السابق عنوانه «الإدارة بالحب».. أتمنى منه أن يجدد الفكرة بتأليف كتاب عن محافظ عنيزة مساعد السليم عنوانه «الإدارة بالتحفيز».
وأنا أضم صوتي لمطلب فضيلته فلقدكانت سمة التحفيز أهم العناصر التي ساعدت بنهضة عنيزة في شتى المجالات.. ولم يكن المستفيد منه عنيزة فحسب بل عم خيرها أرجاء المنطقة.
ورسالتي التالية للزميل العزيز الرائد فهد الحمد السليم محافظ عنيزة وفيها أقول لسعادته: إن أمامك مسؤولية جسيمة لكنها لن تكون صعبة التجاوز بهمة وانتماء رجالات عنيزة وأهلها وشبابها، فالطريق لن يصبح وعراً فقد تمهد بفضل الله ثم بفضل من سبقوك، وأنت خير من يقود الركب لاستمرار نهج التميز والإبداع والتجديد فلم تعتد عنيزة على تكرار أفكار الآخرين بل دائماً صاحبة سبق في المنجزات.. أعانك الله وسدد على طريق الخير خطاك.
ولأهل عنيزة أقول أنتم وقود التميز وسر الإبداع وخلطة النجاح الدائم فاستمروا في نهجكم مع القيادة ودعمكم للعمل النافع أكثر الله من أمثالكم.
وفقكم الله لكل ما يحب ويرضى.. إنه سميع مجيب.
* عنيزة