بداية لا بد أن نأخذ مسألة تعدد الاستحقاقات التي يتوجب على الهلال خوض غمارها بعين الاعتبار.. هذا فضلاً عما تمثله تلك الاستحقاقات من ثقل وقيمة في موازين التنافسات سواء على المستوى المحلي أو على المستوى القاري.. وبالتالي بديهية التحسب والحذر من خلال العمل على اعتماد حالة من التوازن غير المفرط الذي من شأنه أن يكفل للفريق قدراً جيداً من إمكانية المضي قدماً عبر توزيع الجهد كي يتمكن من المحافظة على أكبر قدر ممكن من الحظوظ.
** غير أن الأخذ بهذه الاعتبارات ومراعاتها.. لا يعني الميل إلى الاسترخاء والغفلة وعدم التحسب للمتغيرات والمفاجآت، خصوصاً إذا علمنا بأن أهداف جُل الفرق المقابلة إن لم يكن كلها، إنما تنحصر في نيل شرف تعطيله والمباهاة بذلك الشرف والتغني به كبطولة، بدليل أن إحدى الصحف المتخصصة وضعت عنوانها الرئيسي لعددها الصادر يوم مباراة الهلال والاتفاق الأخيرة حرفياً كالتالي: (الاتفاق يسعى لتعطيل الهلال) وهو ما يعني صراحة أن رغبة وقناعة الصحيفة هو التعطيل والتعطيل فقط، إذ كان بإمكانها أن تقول: الاتفاق يسعى للتقدم على حساب الهلال..؟!!.
** كما لا يعني وضع تلك الاعتبارات في الحسبان تقبل اختراعات (كالديرون) الأخيرة المتمثلة بالإصرار على وضع النجم المحبوب (محمد الشلهوب) كلاعب محور على اعتبار أن بنيته الجسمانية لا تؤهله لهكذا خانة.. هذا عدا حرمان الفريق من قدراته وإبداعاته الهجومية؟!.
كذلك لا يعني الرضا عن حالات التراخي والفلسفات وعدم الجدية التي تعتري الفريق بصورة غريبة وعجيبة في بعض الفترات من المباريات الحاسمة التي كان آخرها ما حدث في مباراة الجزيرة آسيوياً، والتي كاد الفريق أن يدفع ثمنها غالياً..؟!.
هذه التفاصيل قد تبدو بسيطة، هي ما أخشى على الهلال من مغبة السقوط بسببها حين لا ينفع الندم.
لماذا يهينون العميد؟!
في الوقت الذي نتعامل مع عميد الأندية السعودية -كمحايدين- بالكثير من الاحترام الذي يحفظ له حقه كأحد كبار الكرة السعودية، عراقة ومنجزات وجماهيرية.. أي أحد الركائز المهمة في منظومة كرتنا.
إلاّ أن ثمة من المحسوبين -رسمياً وإعلامياً- على هذا النادي الكبير من استمرأوا تكرار الإساءة له وإهانته وتصغيره من حيث أرادوا الإساءة لكبير آسيا وزعيمها (الهلال) لغرض في أنفسهم، ودون أن يشعروا أو لا يشعروا..؟!!.
فهل من الإنصاف للعميد أن يأتي أحد منسوبيه ليلقي بأسباب إخفاق الفريق في عشر مباريات أكثرها أمام فرق متواضعة قياساً بالعميد على مشجب تأجيل مباراته أمام الهلال ضمن مواجهات الدور الأول من الدوري.. والإصرار العجيب على أن سلسلة إخفاقات الفريق إنما هي بسبب ذلك التأجيل، وكأن العميد قد ضمن نتيجة ذلك اللقاء مسبقاً ومن ثم البطولة..؟!!.
هذا عدا التساؤل الذي يقول: ألم يكن بمقدوره -أي الاتحاد- كفريق كبير أن يتجاوز معزوفة (لولا، ولو) حول تلك المباراة المؤجلة بما يكتنفها من فرضيات الفوز والتعادل والخسارة، والنظر إلى ما سواها بعين الفريق البطل الذي لا يتوقف طموحه ومستقبله في مشوار المسابقة على كسب فريق بعينه، بحيث يمكنه التعويض من هنا أو هناك بدون إقامة المناحات والبحث عن شماعات مهترئة..!!!.
قلنا ولم نزل نقول: إن إحدى معضلات العميد في الآونة الأخيرة إنما تتمثل في تواجد طابور من المنتفعين الذين تتحكم فيهم وتذهب بهم بوصلة المنفعة باتجاه مواقع تلك المنافع متخذين من الكيان مطيّة لتحقيق مآربهم ومنافعهم الخاصة بشهادة بعضهم ضد البعض الآخر على خلفيات وهوامش العديد من القضايا..؟!!.
لقد (صدّعوا) رؤوسنا زمناً طويلاً بترديد مقولة: إن جمهور العميد من الوعي والتجربة بحيث لا يمكن لأحد أن يتجرأ على استغفاله أو تضليله.. ومع ذلك لم يحرك ساكناً تجاه ذلك (المتحذلق) الذي يسوّق عليهم بضاعته الفاسدة، بل المهينة بحق ناديهم من خلال الترويج إعلامياً لأكذوبته التي يلوكها هذه الأيام والمتمثلة بالقول: لولا ذلك التأجيل لكان العميد هو بطل الدوري المتوج، هكذا بكل بساطة، ودون أي احترام لعقول أنصار العميد صغارهم قبل كبارهم، وكأنهم لا يفقهون شيئاً في نواميس كرة القدم لكي يسخر منهم عبر ترديد مثل هذا (الهراء) المفضي إلى الانتقاص من شأن النادي العريق..؟!!.
والآن يا لجنة الانضباط؟
العضو الشرفي الذي ظهر عبر برنامج (الملعب) مساء الخميس على الهواء مباشرة متهماً الحكام بتعمد إلحاق الهزيمة بفريقه.. وفي هذا التوقيت الذي لم يجف فيه بعد مداد الأوامر والتعليمات (الصارمة) التي صدرت مؤخراً حيال ضبط هذا النوع من التعاطي (المنفلت) الذي ظلت له اليد الطولى في تأجيج أسباب الاحتقان الذي ما انفك يضرب في صميم وسطنا الرياض بواسطة هذا المحتقن ومن هم على شاكلته..؟!.
هذا الظهور، وفي هذا الوقت تحديداً، وبهذا القدر السافر من اللامبالاة.. لا بد أن يفضي إلى بعض التساؤلات.. فهل كان الغرض اختبار مدى جدية تلك الأوامر وبالتالي مدى قدرة الجهات المعنية على تطبيقها.. أم أن القصد هو إعلان التمرد والتحدي.. وبذلك فهو لم يدع للجنة الانضباط أي مجال للتهرب من مسؤليتها هذه المرة لا سيما وقد وضعت على المحك.. فإما أن تثبت جديتها، وإما العودة إلى المربع الأول لنردد معها ومع الشاعر العربي:
(زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً
فابشر بطول سلامة يا مربع)
في الوريد
قال الإمام الشافعي (رحمه الله): أجادل العَالِم فأغلبه ويجادلني الجاهل فيغلبني.