تذهلني فرحة الصغار بالحلوى..
بلمسة الكبير على خدودهم
بضحكة الكبير في وجوههم..
بهدية كانوا ينتظرونها..
كبرت في مخيلاتهم أشكالها وألوانها..
تمادت في رؤاهم بأشكالها، وأصواتها، وصورها، وهباتها..
لكن تغيرت أسباب فرحهم..
بتغير مصادرها..
فهدايا الصغار المفرحة لقلوبهم الغضة، تطورت من دمى صامتة، لناطقة..
ومن حلوى جامدة ملونة، لأشكال, وألوان, ومذاقات, ونكهات, ومحتويات لا حصر لها..
وأجمل ما يفرح الأطفال الآن اللعب الإلكترونية.., حتى مفرداتهم توسع قاموسها عنها، وقدراتهم تطورت مهاراتها بها، وإدراكهم استوعب تقانتها، وتلك مفرحات بلا ريب.
فالكبير غداً يلجأ إليهم في أمرها ليشرحوا له، وليصوبوا معلوماته، ليأخذوه إلى عالمهم المتحرك الذي لا يتسع بكل ما فيه لأحلامهم، حتى عندما يمتلكون منها جديداً، يطالبون بالأجد، فمتابعتهم للتطور في ألعابهم متحرك ومواكب.. وفي ذلك ما يفرح بلا ريب..
لكن، وراء ذلك ما يقلق..
وتزداد دهشتي..
ما دامت تصرف الملايين من أجل التعليم, والتصنيع، والثقافة، والإعلام، وما دامت تتدفق النبضات خوفاً على هؤلاء الصغار من أجل تعليمهم، وثقافتهم، وتنمية قدراتهم ومواهبهم, أملاً في أن يكونوا دعامات المستقبل، ومسيري مجاديف مراكبه, في بحور العلم, والمعرفة, والبناء, والعمار,..
إذن لماذا لا تخصص ميزانية من قبل وزارتي الإعلام, والثقافة، والتربية, والتعليم، من أجل تصنيع برامج ومضامين, ذات مواصفات قرينة لمواصفات الغذاء الجيد، لهذه الألعاب المتطورة التي يقذف بها التاجر في المحلات، فيبتاعها الصغار، ويحصد المجتمع أجيالاً ظاهرها يفرح، وباطنها يقلق..؟
السؤال واضحة أبعاده، والآباء يعرفون مراميه، والمربون لا ريب أكثر معرفة بمؤشراته، والصغار الأبرياء ينططون سعادة بهداياهم الإلكترونية، يعيشون مع قصصها، وألعابها، وأغانيها، وصورها، وشخوصها، وبيئاتها، وأفكارها، في عالم بعيد، بعيد يفصلهم عن الأرض التي يقفون فوقها، واللغة التي يتفاهمون بها مع من حولهم..
عشرات من جيل الألعاب الإلكترونية، وأجهزة الحاسوب، والتسجيل الصوتي، الذين يحملون على أقدامهم عمر العقد من الزمن، هؤلاء الذين نشأوا وهداياهم ليس آخر حدودها حلوى، ولا منتهى حجمها دمى صامتة، هؤلاء حين يستمتعون فبالأغاني الغربية، وحين يلبسون فموديلات أبطال ألعابها، وحين يتكلمون فبلغة متحدثيها..
جربوا أن تقفوا على هذه الحقائق بأنفسكم..وربما قد فعلتم..
ستتحول دهشتكم بفرحة الصغار, إلى خفقة قلق, إن كنتم تحذرون.
أما أنا فلم تعد تذهلني فرحتهم بهذه الألعاب..
وأما ذووا العقد والحل، فبانتظار تحركهم، واهتمامهم..
فكل أمر أمانة, بما فيه مضامين السوق التجارية, فيما يتعلق بالصغار.. لتقنين مواصفات مضامينها، والإشراف على تلافي ما بالإمكان.