في تصريح مطمئِن لوزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي قال فيه إن وزارته تعمل على تنفيذ عدة مشروعات إسكانية في بعض المدن والمحافظات لتلبية احتياجات المواطنين من السكن لتصل بذلك إلى الغاية التي أُنشئت من أجلها، بما يتوافق مع تطلعات القيادة الحكيمة وطموحات المواطنين السعوديين كافة.
ونرجو أن تتبع هذا التصريح الجميل أفعال ملموسة لاسيما أن وزارة الإسكان تحظى بدعم لا محدود من لدن خادم الحرمين الشريفين الذي شعر بلا شك بتذمر المواطنين ومعاناتهم من غلاء أسعار الأراضي السكنية التي وصلت إلى أرقام فلكية.
والمأمول من هذه الوزارة الجديدة القديمة تقديم رؤية مناسبة لقطاع الإسكان على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وتحديد رسالتها بتطوير سير عجلة الإسكان بالشكل المناسب من خلال إنشاء عدد كبير من الوحدات السكنية الحكومية في جميع مناطق المملكة، مع السعي بجدية لإيجاد الحلول للمعوقات من خلال فتح قنوات تمويل متعددة ومناسبة لبناء المساكن وحل مشاكل سوق العقار.
ولعل قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء نصف مليون وحدة سكنية يساهم في كسر شوكة التجار، ويعيدنا إلى أيام توزيع الإسكان الحكومي على المواطنين في جميع مناطق المملكة ممن تقدموا لصندوق التنمية العقاري آنذاك، فحصلوا على منزل دور واحد بقيمة ثلاثمائة ألف ريال. ويعد قرار توزيع إسكان حي الجزيرة والمعذر في الرياض وإجبار الملاك بتسوير الأراضي البيضاء من قبل الأمانات والبلديات، وتحديد الدائري بوصول الخدمات للأراضي السكنية أكبر شواهد على تلك الحقبة الذهبية التي حدَّت من انفلات الأسعار فانخفض العقار بما يقارب 50%. وقائد هذا البلد سيعيد -حتما- وهج تلك الفترة بقراره الحكيم وتحقيق رؤيته الموفقة بتوفير الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لجميع المواطنين.
والناظر في أحوال العقار الحالية من حيث أسعارها المرتفعة يدرك أنها إلى الانحدار بحسب نظرية الدورة الاقتصادية المعروفة، مثل أي دورات أخرى من نفط وذهب وأسهم، والتي لا تزيد عادة عن سبع سنوات. وتاريخ سوق الأسهم يعيد نفسه في سوق العقار، حيث تشير كثرة المضاربات بسوق العقار والتدوير فيها إلى ما حصل في سوق الأسهم قبل انهيارها. ويؤكد أحد أصحاب مكاتب العقار ظاهرة انتقال صك الأرض الواحدة بين عدة أشخاص بمدة لا تزيد عن أسابيع معدودة وكل منهم يحصل على نصيبه بل قد يعود أحد أصحابها لشرائها وبيعها مرة أخرى طمعا في ربح عاجل وبهدف زيادة سعرها ورفع قيمة الأراضي حولها، مما فتح شهية بعض المتقاعدين لفتح مكاتب عقارية بهدف السمسرة والدخول في تقاسم الكعكة. وانتشار مكاتب العقار بكثرة يشبه لحد بعيد كثرة شركات الوساطة في الأسهم قبل تقنينها، كما أن تزايد برامج الإسكان الميسر المغرية من لدن البنوك تذكرنا بالتسهيلات البنكية لمحافظ الأسهم والتي تورط فيها كثير من الناس، وأصبح البسطاء المحتاجون لسكن مناسب ضحيتها، فوقعوا صيدا سهلا لقروض البنوك التي رفعت قروضها لتصبح 22 راتباً بدلا من 15 راتباً.
ولعل التأخير في صدور الرهن العقاري وقلة المعروض ساهمت في رفع أسعار الأراضي، وحين صدوره الفعلي تزامناً مع توافر الإسكان الحكومي للمواطنين والإسكان الخاص بمنسوبي الجهات الحكومية، وعدم اشتراط تملك الأرض للتقديم للصندوق العقاري؛ كل ذلك سيكون الضربة القاضية لتجار العقار مع ضرورة تطبيق فرض زكاة على الأراضي البيضاء.
ولا شك أن السكن هو من مقومات الشعور بالاستقرار والطمأنينة للمواطن، حيث يمكنه بعدها أن يعيش براحة ودعة، ويعمل بنشاط وإخلاص.
www.rogaia.net