إيران الدولة الدينية الأكثر تشدداً في المنطقة تحاول أن تعزز حضورها في منطقة الخليج، وتستخدم أكثر الأدوات تأثيراً في الأقليات الشيعية في محاولة لاختراق أمن هذه الدول واستقرارها، من خلال دفع مجموعة مندسة من الناس في محاولة لكسر الوحدة الوطنية في تلك الدول، وبعد الغزو الإيراني السافر للعراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، وبعد الغزو السافر للجزر الإماراتية، برز على السطح الاختراق الإيراني في صورته الدينية في الخليج عن طريق دعم مجموعات التمرد في البحرين تحت غطاء ظلم الشيعة، واعترفت إيران على لسان خامنئي أنها تدعم كل دعوات الثورات في الوطن العربي وأنها هي من وقف في وجه إسرائيل وطبعاً هذا الكلام ليس سوى ادعاء، بل الحقيقة أنها الجدار الحامي لإسرائيل، وهذا قلته بتفصيل أكثر في مقالي الذي نشر الخميس الفائت.
الوحدة الوطنية في البحرين، الشيعة منهم والسنة، الليبراليون والإسلاميون، أئمة المساجد والمفكرون، أهل الإعلام بكل أشكاله، كلهم وقفوا أمام التدخل الإيراني السافر في البحرين الذي حاول استغلال ثورة الشباب لمصلحته وأهدافه المغرضة وذلك من خلال عمل «الريموت كنترول» الذي يُدار من إيران، لكن عقلاء البحرين كانوا أكبر من هذه المؤامرة السافرة، فظهرت اللحمة الوطنية بصورتها الزاهية، ولن يغفل التاريخ عن نقش هذه المواقف بماء الذهب، فسميرة رجب، وسوسن الشاعر، ومحمد الشروقي، وفيصل الشيخ وغيرهم، قدموا ولازالوا يقدمون دروسا وطنية، أعجبني فيها وقوف الجميع من كل التيارات الفكرية صفاً واحداً باتجاه هدف واحد هو العدو. وهذا الدرس يحتاج إلى التأمل لأن عدو البحرينيين هو نفسه عدو السعوديين، وهو المستفيد الأول من التناحر والفرقة، وهو من يبث جنوده بيننا، وفي المواقع الإلكترونية والفيسبوك والمجموعات البريدية ليضخ سموم الفرقة والتنازع.
ثمة ما يهم الإشارة إليه، ألا وهو أنه لا زال عقلاء الشيعة في إيران ومجموعات الوطنيين فيها والسنة أيضاً يقاتلون من أجل أن تتوقف عن تصدير ثورتها وأن تهتم بشعبها وتنمية بنيته التحتية، ومنح الأحواز العربية حقوقها المسلوبة، وإيقاف الإنفاق الجنوني على التسلح النووي وصرف بعضه على فقراء إيران ومعوزيها. فيما يصر النظام في إيران أن يضع لثورته القديمة المتهالكة قدم في كل شيء حوله، وعن هذا ما جاء من الكويت من أخبار مؤلمة جداً، وقاتلة وصادمة، فقد أثبتت تحقيقات الأمن الكويتي تورط السفارة الإيرانية في التجسس على الأمن والجيش الكويتي من خلال ثماني خلايا تجسس وليست واحدة، ووصلت إحداها إلى معلومات حساسة في الحاسب الآلي في وزارة الدفاع الكويتية! مرة أخرى: ماذا تريد إيران من الكويت ومن دول الخليج؟! إنها تكرر سنوات الثمانينات المؤلمة وأوائل التسعينات الهالكة، وإلا ما معنى هذا التوسع الإيراني في الخليج، الشيعة في الخليج لديهم كافة حقوقهم المشروعة والمواطنة الموازية لأي أكثرية أخرى في المنطقة، خصوصا في السنوات الأخيرة، والتي هي حقبة جديدة تعيشها كل دول الخليج. لكن إيران تريد أن تزرع الفتنة وتمضي ليكون وقودها مواطنو دول الخليج، وتريد أن تقطف الثمرة، فهي تظن أن ما فعلته في العراق وهي تقطف ثمرة الغزو الأمريكي، أن هذا السيناريو سيتكرر في الخليج.
لا أظن أن إيران قادرة على هذا الشيء في ظل الوعي الوطني لدى مواطني الخليج عامة والشيعة منهم خاصة، فليس ثمة أمل إلا في الوطنية والحوار للوصول إلى الحلول والحقوق. وإيران ليست أباً للعالم والثورة لهم وحدهم وليست للتصدير.
www.salmogren.net