أتطلع إلى أن الباحثين لن يغفلوا، ولن يتأخروا عن دراسة الآثار المختلفة التي اعترت الفرد، والجماعات, من أحداث الشارع العربي، في دول الثورات التي بدأت, ولم تنته، وحدثت, وتداخلت بين ظواهرها, وبواطنها، هذه الأحداث التي غطت عن الرؤية جمال أي جمال في الحياة، وشغلت حيزًا واسعًا من تفكيرهم، ومشاعرهم، بل شرخت جدار ثقتهم في مصداقية شخوص كثر، بل دول عديدة .., وبات تأثير المواقف المتناقضة فيها، لا يقل عن دمار الأرض بها، وفناء الروح, وانتهاك العرض..
تحدثني صديقة مصرية فتقول: (على أننا سعدنا بالثورة، وفرحنا بالتغيير، لكننا لا نشعر براحة تامة، ولا نطمئن لنتائج، ولا نثق إلا في يقظتنا الشخصية)،..
فإن قالت هذا مواطنة مصرية, عن كل المكتئبين من فوضى النتائج، فما يقول الليبي الذي جاء من يحميه، فتركه عاريًا يتصدى للدبابات, والزحف الناري ..؟ ما يقول شعب يُسحق على مرأى من عيون العالم.. لرجل يستخدم ما بقي له من ترسانة حرب, ضد شعب أعزل..؟
ما يحدث، وما تداعى إليه ما يحدث, هو مادة ثرية, وخصبة للدراسة، بما تطفو به آثاره على ظاهر سلوك الناس، وفي نفوسهم، وأفكارهم، بل سلوكهم حين يواجهون الشاشات, أو يقرأون النشرات وعند الإصغاء إليها، أو ما يتابعونه من ردود أفعال مواطني الدول المضطربة شوارعها، الثائر أهلها،...
ثم بما ستتطور إليه هذه الآثار من نتائج مستقبلية ...
إن المادة الخام، المتدفقة تفاصيلها، والممنوحة بسخاء من شوارع مدن الثورات، ربما لن يقوم بدراستها أفراد، بل أتوقع أن تقوم مؤسسات بهذه الدراسات، ولسوف تصنف هذه الآثار بحجم موضوعاتها، وأوجهها، وشخوصها وأدوارهم، ...
ربما ستتحول مراكز البحوث لخلايا نحل.. على الأقل لحماية الأبنية النفسية، والفكرية والعصبية و..و.. لدى فئات المتلقين لهذه الآثار...
الإصابة باكتئاب المرحلة قد عمت..
ولا نتوقع أن فرحة تكتمل لإنسان ينبض فيه الإحساس بأمة دينه، وبشركاء إنسانيته، ورفقاء مرحلته، في دول يفترض أن تحكمها قيم الإنسانية الموضوعية،..
كما لا أتوقع أن من المنطق, أن ينعزل هذا الإنسان فينا, عن واقع هذه الأحداث..
فالدول العربية الثائرة لم تُمرض أحداثها المتواصلة نفوس سكانها وحدهم، بل امتدت الآثار تتدفق من منافذ كل حس يقظ بإنسانيته.
والسؤال الموجه لهم: إلى متى أيها العقلاء المجانين..؟
هذا ما سيجيب عنه الباحثون في تفاصيل ما يحدث.