عدم فعالية المجلس البلدي في أي مدينة يجعل كل جهة خدمية تقوم بتنفيذ المشاريع الموكلة إليها والمتعلقة بها دون تنسيق؛ فتتراكم الأخطاء التنفيذية والتخطيطية، وحين تحدث كارثة تُلقي كل جهة باللوم على الأخرى. ومن المهم أن نستفيد من كارثة السيول؛
كي نُفعّل دور المجالس البلدية؛ فتقوم بدورها الأساسي بدلاً من أن يقضي أعضاؤها وقت فراغهم الطويل بمتابعة قضايا لا تمت لعملهم الأساس بصلة حقيقية! الذي من أجله تم انتخابهم من قبل المواطنين. وفي هذا السياق قرأتُ أن المجلس البلدي لمدينتي الرياض في اجتماعه الأخير برَّأ نفسه - هكذا دون مقدمات - من أي تهمة قد تلاحقه بخصوص أي خلل في شبكة تصريف السيول، معللاً ذلك بوصفه تلك الشبكة بأنها بقيت على حالها من العام الماضي دون أي تغيير. علماً بأننا نحن سكان الرياض لم نطلع على الرأي الفني لأعضاء مجلسنا الموقر تجاه تطوير شبكة السيول (موضع الاتهام). طبعاً ألقى المجلس بشكل واضح بالمسؤولية على وزارة المالية لعدم اعتمادها موازنات للصرف الصحي، ويبدو أن أعضاء المجلس الموقر أخذوا بالمثل الشعبي الدارج في نجد «ولم العصابة قبل الفلقة»، أي جهِّز عذرك وتبريرك قبل أن توجه إليك أصابع الاتهام من هنا أو هناك، وإلا قولوا لي بربكم ما الذي دعا أعضاء المجلس أن يعلنوا براءتهم من أي تهمة بهذا الشكل المكشوف.
والذي أعرفه كغيري من سكان مدينة الرياض أن من أبرز إنجازات المجلس الخدمية في دورته الأولى التأسيسية، إضافة إلى قيام المجلس الموقر ببناء الأسس التنظيمية للعمل البلدي: معالجة عدد من قضايا الصرف الصحي، ومتابعة إنشاء محطة الصرف الصحي خارج المدينة، والنقل العام، وتلوث البيئة، وتوزيع المرافق الخدمية بشكل متناسب مع توسُّع المدينة، وكذلك إعادة تأهيل الأحياء القديمة وتطويرها، ومشكلة رمي المخلفات في الأراضي الفضاء.. هكذا قرأنا.
ولعل الأيام المقبلة تبرهن للمواطنين مدى نجاح أو رسوب أعضاء المجلس البلدي على أرض الواقع، خاصة أن حلم المواطن البسيط هو - باختصار - إيجاد بنية تحتية متكاملة لمدينة الرياض، وهذا في نظري لم يقدم أعضاء المجلس من أجل تحقيقه شيئاً يُذكر لهم حتى الآن.
ولا شك أن فكرة إنشاء المجالس البلدية قامت على فلسفة خدمية بحتة، تهدف إلى بناء شراكة متبادلة بين المواطنين وأجهزة الأمانة والبلديات في المناطق والمحافظات، مبتعدة في تشكيلها الإداري ومهامها الفنية عن تنازع الأدوار الوهمية.
ومما يحسب للمجلس البلدي في مدينة الرياض لقاءاته المفتوحة مع الجمهور لمعرفة واقع الخدمات البلدية، وما إذا كانت محققة الأهداف المتوخاة منها أم لا؟ ولا أنسى ما عمد إليه المجلس مؤخراً من إطلاق جائزة التميز البلدي لتشجيع الممارسات المتميزة في الجودة والامتياز في الخدمة؛ فقطاع الخدمات البلدية يُمثّل واحداً من أكثر القطاعات حساسية لارتباطه الوثيق والمباشر بالحياة اليومية للناس، بطريقة تجعل مختلف بلديات مدينة الرياض في مستوى الآمال، عملاً وإخلاصاً واهتماماً بخدمة المواطنين.
أخيراً.. أكرر أمنية كثير من المواطنين والمراقبين لمسيرة هذه المجالس البلدية بأهمية عزلها عن الأمانات والبلديات، مع ضرورة توفير مقار لها تليق بها وبدورها المدني خارج مباني الأمانات والبلدية؛ حتى لا تكون هناك مجاملات، ولتؤدي تلك المجالس وأعضاؤها الدور المرسوم لهم في النظام بعيداً عن هذه الخطوة الاستباقية من قِبل أعضاء المجلس البلدي بمدينة الرياض بتبرئة أنفسهم من أي خلل في شبكة تصريف السيول.