عندما نتحدث عن الفرس فإننا نتحدث عن عداء منذ بداية الرسالة وكان الفرس ممن ناهض الإسلام بشتى الطرق والوسائل، ولكن في ظل الفتح الإسلامي تحقق للمسلمين فتح بلاد فارس، في ظل رسالة الإسلام التي تنادي بالتوحيد والمساواة ووحدة النوع البشري والاندماج في قالب التعاون على الخير والتنافس الشريف في العمل الصالح.. وقد نبذ الإسلام كل أنواع المفروقات العرقية ونبذ المسميات الخارجة عن التوحيد .. يقول الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى). إن التعصب الذي يظهره الفرس تجاه الإسلام لا يمكن تجاهله أو إغفاله وقد بدا ذلك جلياً وواضحاً منذ أن قام كسرى بتمزيق الكتاب الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضه للدعوة والدخول في الإسلام والكبرياء التي تمثلت في استقبال مبعوث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تدل دلالة واضحة على الحقد الفارسي للإسلام والمسلمين.. وقد حظي الإسلام بمن دخل منهم الإسلام وأخرج الله من أصلابهم أعلاماً كانوا أئمة هدى ودعاه حق - ولكن بقيت فلول فارسية إلى اليوم هذا وفي اعتقادهم أنهم سوف يعيدون أمجاد كسرى والعهد الفارسي، ولكن نسي الفرس أنه منذ نهاية امبراطوريته لن تقوم لهم قائمة إلى يوم القيامة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.. أو كما قال صلى الله عليه وسلم. من هنا نجد أن نهجهم العقائدي والسياسي يدور حول كلمة فرّق تسد. فلا زالت تعشش في أذهانهم إلى الآن مر الهزيمة والانكسار وما كتب لتلك الهزيمة من انهيارات عقدية أمام دين الإسلام، وعدم قدرة المعتقدات والطقوس الفارسية على الصمود أمام دعوة الحق وعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأعراف (118).
من هنا بدأ الحراك العقائدي ومحاولة نشره بأي طريقة وبدأت الخرافات الفارسية تتوغل في بعض الشعوب وبدأت تتمثل في التدخل في شؤون الغير ويرى الجميع في سياستها الخارجية أنها تسير بنفس النهج والأداء كما كان في الماضي بل زادت خبثاً هذه المرة، حيث دخل العنصر الطائفي في الصراع وتجلّى آثار هذا العداء في أكثر أزمات العرب (العراق - لبنان - فلسطين - اليمن - البحرين) وغيرها. فلا غرابة بما نسمعه ونراه من تصرفات خارجة عن المنطوق العالمي والإقليمي من تجاوزات تعدى شريطها الحدود وأصبحت تمثل خطراً على جيرانها وأمن وسلامة السلام العالمي. وقد انكشف المخطط الإيراني أمام العالم.. باسم الدفاع عن المقاومة وعن الإسلام في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، وما آلت هذه التدخلات من دمار وتشريد وتفجير وانتهاك سيادة. ولنا أن نعجب من تصريحات أحمدي نجاد ضد المملكة العربية السعودية واتهامها بأنها تتدخل في شؤون اليمن الشقيقة عسكرياً ونسى وتناسى أن المملكة منذ أن وحدها المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز لم يعرف عنها أنها تدخلت في شؤون الغير بل عرف عنها سعيها للسلام والوفاق، ولكنها عندما يتعدى أحد على أي شبر من أرضها فلن تسمح له كائن من كان وباقتدار وكفاءة تستطيع في وقت قياسي رد أي معتد مهما كان حجمه وقوته.. وليس غريباً على القيادة الإيرانية المتمثلة في رئيسها أحمدي نجاد هذه المهاترات. فقد صرح من قبل ضد إسرائيل ولعب بورقة معاداة إسرائيل وأنه سوف يجعلها حطاماً، كما قال إن هذه التصريحات لا يراد بها سوى تجاوز الانقسامات الفارسية العربية والشيعة والسنّة. وتعتقد إيران أن برتوكول التعاون الإيراني الإسرائيلي لا يعلم به أحد فهو لا زال إلى الآن. ولا يخفى على الكثير شراء إيران الصواريخ من إسرائيل وغير ذلك الكثير مما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار أمر بعدم الإعلان عن الصفقات الإيرانية الإسرائيلية للإعلام الخارجي لأنّ الإعلان عنها وكشفها أمام العالم سينسف كل البرتوكولات المتفق عليها مسبقاً.. من هنا يتضح جلياً عدائية إيران للعرب والسنّة.
إن ما يحلمون به في تركيع دول الجوار تحت مظلة الفارسية لهو من أحلامهم المريضة منذ بدء الرسالة المحمدية، وهذا يسمى في علم النفس والمنطق الهوس الامبراطوري أو أحلام العصافير أو الروح التي تحتضر من شدة ما أصابها من مرض، ولكن هيهات أن يحققوا أهدافهم أو ينجحوا في تحقيق نواياهم المريضة.
- أبها
drali000@hotmail.com