مصطلح أو توصيف «أصلي السوق» يتماشى مع الحالة التي يمر فيها السوق وأهله.. التجار وأصحاب الوكالة والباعة، بل وحتى أصحاب «البسطات» و»أبو ريالين وخمسة» الذين باتوا يوعزون للزبائن بأن زمن الأصلي قد انتهى. فحينما باتت صيغ العرض والطلب تقول عن البائع: «مروج»! أصبح في حل من كل شيء، بل إنه لا يتورع دائماً من مصارحة المشتري أو الزبون بوصفه «عميل» من العملاء! بأنه لم يعد هناك في السوق أي شيء أصلي، إنما هو شبه أصلي أو مقلد بدرجات جودة متفاوتة.
ومرد ذلك الادعاء الترويجي أن التاجر لا يتعامل منذ أعوام إلا من منطلق أن كل ما في السوق لا يمت للأصالة أو الجودة النوعية أو صناعة المنشأ بأي صفة، إنما كل ما يوجد هو المقلد، لكنه يود أن يلعب لعبته أيضاً حتى في هذا المقلد حينما يشير إلى نغمة «أصلي السوق».
فمن خلال هذا الشحن الترويجي تنتفي إمكانية وجود السلعة الأصلية المطابقة للمواصفة الصحيحة لأسباب ومعوقات قد يطول عرضها أو يقصر، إنما تحتاج إلى شجاعة في الكشف عن أسباب رواج المقلد ليس في الداخل فحسب إنما على مستوى العالم لكنه بدرجات متفاوتة.
فمن المهم إن أردنا أن نستقصي أسباب إزاحة الأصلي وإحلال المقلد فإن المطلوب هو أن نبتعد عن تحليلات رجال الاقتصاد والمنظرين ومن يشعرون أنهم أوصياء على حركة الاقتصاد، لنذهب فوراً إلى التعاطي المباشر مع الذائقة الاجتماعية التي تعد هي الترمومتر أو القياس الفاحص لأوجه التعاطي مع هذه القضية المتعلقة عادة بالمنتج الاستهلاكي.
وربما تكشف الاستبانة أو سبر الآراء المباشرة للمستهلكين الأسباب الكامنة وراء هذه الهجمة الاستهلاكية التي لعب فيها التاجر والمروج والإعلان لعبته مما يسقط الفرضيات الهشة والمقولات الجانبية عن الادعاء بوجود خطط مدروسة لكنها للأسف تبدو مجرد تكهنات وتنظير فحسب.
لكننا ربما نكتشف من خلال المقاربات التحليلية الاجتماعية المباشرة أن أسباب غياب المنتج الأصلي هو ما يبرر دائما بكثرة الطلب، وبتعدد مصادر العرض للسلع والمنتجات، إلا أن أخطر هذه الأسباب هي المواصفات الضعيفة والهشة التي يقدم على طلبها التجار وأصحاب الوكالات من المصنعين، حيث تبرز رداءتها حتى وإن كثر الادعاء بأنها مطابقة للمواصفات.