Thursday  31/03/2011/2011 Issue 14063

الخميس 26 ربيع الثاني 1432  العدد  14063

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هل تعلمون من صاحب هذه المقولة الكبيرة؟ التي صارح بها المرؤوس رئيسه هي: لعلي- رضي الله تعالى عنه- قالها لعمر- رضي الله تعالى عنه- أمير المؤمنين حين أتاه الجيش ومعهم سيف كسرى تحقيقاً لحلم

النبي- صلى الله عليه وسلم- فلما رأى السيف معهم قال لهم: إن أقواماً أدوا هذا أي - السيف - لذووا أمانة، فرد عليه علي- رضي الله عنه- بقوله: إنك عففت فعفت الرعية.وعمر حينهاكان ملك البلاد ورئيس الدولة وقائد الجيوش، يعنى لا (يسأل عما يفعل وهم يسألون) ومع هذا وذاك لم تطل يده بيت مال المسلمين بل كان يلبس ثوبا في الصيف وثوبا في الشتاء.

الأتباع تبع للمتبوع (القائد) خلقاً وعملاً وأسلوباً.

والله إننا بحاجة لنتعلم كيف نكف أيدينا عما ليس لنا حتى يكف من تحت سلطتنا عما في سلطتنا.

كم نسمع بملايين الريالات التي سلبت من خزينة المال العام دون وجه حق؟ وكم من مسؤول تحول في فترة وجيزة إلى تاجر ثري؟ وكم من ذي دخل محدود عاش عيشة الأباطرة والتجار وأبناء الثراء من أين يا ترى؟ إننا بحاجة لغرس القيم والمثل في شخصيات أتباعنا عن طريق سلوكنا وممارستنا وأفعالنا، الموظف الصغير حين يعلم بحرص واهتمام من هو مسؤول عنه بحفظ ما تحت يديه من مال أو ممتلكات أو جاه فهوكذلك سينهج ويسلك الدرب ذاته لماذا يا ترى؟ لأنه رأى مديره وقدوته على ذلك.

نود أن نقف في طريق الحل ونتساءل ونقول هل هناك حل لمعالجة المشكلة والتعامل معها مستقبلاً؟ الحل والمعالجة الموضوعية هي التمحيص والابتلاء لمن يرغب في توليته أو تنصيبه (قصة المدير مع الموظف مثال): أراد المدير أن يعين لمنصب هام في مؤسسته أحد الموظفين الذين يعملون معه فلما احتار فيمن يختار منهم اتجه إلى المقياس الحقيقي وهو (الأمانة) فأعطى كل موظف نبتة ميتة لا يمكن أن تحيى مرة أخرى وقال لهم: أود منكم خلال الأربعة الأشهر القادمة أن ترعوا النبتة بالسقاية والتشميس وتقدموها لي وهي في صورة أفضل وحال أحسن، ومن الطبيعي أن النبتة بعد مضي فترة ستكبر وتزهو ولكن النبتة التي أعطاهم إياها نبتة ميتة فلا يصدق الحال عليها فماذا قام به (أحمد ورفاقه) بدأ رفاق أحمد في سقي النبتة ورعايتها دون جدوى فعلموا أنها نبتة لا يمكن أن تنمو وتزهو وتكبر،كما يريد مديرهم، وقالوا: إن الموعد قد حان وقرب والمدير يريد نبتة فقط نبتة فما رأيكم فقالوا نذهب للحديقة ونختلع له نبتة قريبة في شكلها وصورتها من النبتة التي قدمها لنا ونقدمها له حتى نفوز بثقته وننال المنصب الذي وعد به، أما أحمد فلما اقترب الموعد وحان وعجز عن إحياء النبتة تساءل مع زوجته ماذا نصنع؟ هل نقدمها له كما هي؟ أم نذهب للحديقة ونحضر له واحدة تشبهها؟ فاتفقا على أن يخبر المدير بالحقيقة ويعلمه بعجزه عن رعاية النبتة.

حان الموعد وطلب المدير في اجتماع له أن يحضركل واحد بالنبتة، فلما رأى نبتة رفقاء أحمد وما فعلوه صمت ولم يقل شيئا ،وكان أحمد حينها يرتعش خوفاً ووجلاَ ماذا سيكون رده على المدير الذي منحه فرصة طويلة بلغت أربعة أشهر فلما سأله وأخرج النبتة الميتة فرح المدير وسر من عمله وقال: قد سلمتكم نبتة ميتة لا يمكن أن تعود للحياة مرة أخرى مهما قمتم به من جهود وقد سألتكم: هل هذه هي النبتة التي قدمتها لكم؟ فقلتم: نعم وأنتم (كاذبون)، ولهذا كان أحمد لصدقه ونبله وأمانته جديرا بالمنصب والوظيفة التي وعدتكم بها.

هذه قصة سريعة تبين لنا أهمية التمحيص قبل التولية والتنصيب وهو ما يحتاج إليه كل مدير ومسؤول، إن عمر رضي الله تعالى عنه ولاّه أبوبكر رضي الله تعالى عنه، وعمر رضي الله تعالى عنه عندما يولي أحدا لم يوله لقربه منه أو لمحبته له فها هو ابنه عبدالله لم يتول ولم يمنح شيئا في حياته ولم يسلم أية مسؤوليات غير ما كان عليه من تقديم المشورة والرأي والفتيا، والتاريخ شاهد على ذلك بأن التولية التي طابعها ودافعها القرابة والصلة مع فساد صاحبها تأتي بالطامات والمهلكات، هاهو يزيد بن معاوية كيف كان أبوه معاوية رضي الله تعالى عنه وكيف كان هو وماذا جرى عند توليته.

ولا يسعني إلا أن قول: إن القائد الحقيقي هو المتصف بالأخلاق النبيلة من صدق وأمانة وإخلاص وتواضع ووفاء وهو من يربي بفعله لا بقوله ويحافظ هو على ما تحت يديه قبل أن يدعو غيره للمحافظة لما تحت يديه حتى لا يقال لك عندما تسرق وتنهب وفي الوقت نفسه تنهى عن ذلك (حلال لك وحرام علينا).

 

أيها الوزير والرئيس : إنك عففت فعفّت الرعية
عبدالحميد جابر الحمادي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة