نظراً لطبيعة التطورات المتلاحقة، والتغيُرات المتسارعة، التي تحيط بالمنطقة، وتداخل المفاهيم، واختلال معايير الأمن الاجتماعي في عدد من الدول العربية، واستغلال تلك الأحداث من قبل دعاة التغريب وطمس الهوية، فإن المجتمعات الراسخة على ثوابت أصيلة، بالتأكيد ستحتوي ما وراء الحدث بمقدار ما يمتلكه شعبها من وعي، وبرقي مؤسساته، وحسن الظن بقادته، وستقف بثبات أمام تلك الموجه الموجهة نحو شبابه، وستحافظ على ثوابتها وموروثاتها التي كانت عماد ظهورها، وسبباً في أن يكون لها موضع قدم بين الشعوب.
إن الشواهد التي تمثلت على مسرح الأحداث الأخيرة، برهنت بما لا يدع مجالاً للشك أن ابن الأرض الطاهرة المملكة العربية السعودية، يتميز قولاً وعملاً بمميزات وهبها الله سبحانه وتعالى، وقدّرها له، فمن تعفّر بترابها، وتخلّق بقرآنها، وتأسّى بنهج أبطالها، الذين أشعلوا قناديل النور، ورفعوا رايات العدل، وفتحوا بهممهم فجاج الأرض، حتماً سيكون هو المَثل للإنسان المستنير بنور الحق، والخارجين عن تلك المُثل هم الاستثناء.
لقد تحدثت وكالات الأنباء العالمية والصحافة العربية والغربية، عن الخيبة التي لحقت بدعاة الظلال والفرقة، وذكرت متانة وصلابة وتماسك شعب المملكة العربية السعودية كجسد واحد، ينهض عند الملمات، وتكالب القوى، متجاوزاً كل ما له علاقة ببعض القصور المؤسساتي الخدمي، الذي كان يراهن عليه القابعون خلف التاريخ، وكل من تتقاطع مصالحه مع وكالة الاستعباد، بالرغم من اختلافهم العقدي، ولكنهم كرسوا جهودهم لإيجاد ما يدعمهم في إثارة المشاعر.
لقد غاب عن هؤلاء أو تناسوا، أن شعب المملكة العربية السعودية تربى على الكتاب والسنة، ونهج السلف الصالح، شعب مختلف بتلك المعايير، إضافة للعرف الذي يتمثل به أفراده، كالنخوة، والشهامة، والرجولة، والبذل والكرم، وحفظ المواثيق، وصيانة كرامة الإنسان، وحقوقه. وفي الحديث الشريف خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام.
فهل يستطيع هذا المجتمع المتفرد استثمار خصائصه، من خلال قيام فعاليات تجدد تلك القيم بين أفراده، كجوانب إنسانية، يتم العمل بها في جميع مؤسسات الدولة الخدمية، كمشروع نهضوي، فالأنظمة الجامدة المتجردة من العلاقات والجوانب الإنسانية قد لا تتوافق مع طبيعة المواطن السعودي، ولم يبلغ الإنسان يوماً، باستثناء الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام الكمال المطلق، حتى تستورد لنا أنظمة عمل من ثقافات غربية أو شرقية، فلدينا ثقافتنا المتينة، وخصوصيتنا الفريدة التي يجب أن نفتخر بها ونحافظ عليها، ونعزز من حضورها في جميع وسائلنا الإعلامية، لنجعل منها ركيزة أساسية في عمل مؤسساتنا الخدمية، وعلاقاتنا على كافة المستويات الاجتماعية.
طالب فداع الشريم
taleb1423@hotmail.com