عَلَم آخر من أعلام التربية والتعليم في هذا البلد يلحق بالرفيق الأعلى بعد حياة حافلة بالجهاد والكد والعمل الدؤوب. نعم، لقد جاهد الشيخ إبراهيم الحجي طوال حياته من عامل بسيط إلى تلميذ بشتى وسائل التلمذة في الصف والمنزل، في المدرسة وفي مقر العلم، وتدرج في مناصب عدة حتى وصل إلى منصب وكيل وزارة المعارف للشؤون الثقافية في العقد الأول من هذا القرن الهجري. تشعر وأنت تتحدث إليه بأنك أمام رجل عصامي من درجة يندر وجودها إلا في ذلك الزمن. ساهم مع رعيله في إرساء كثير من الأساليب الحديثة في التعليم والتعلم، وفتح للثقافة في وزارة المعارف آنذاك مجالات أرحب في المكتبات المدرسية والكتب الثقافية والمسابقات الطلابية وميادين محو الأمية وتعليم الكبار التي تعرف له قدره ومكانته، وصاحب النهضة التعليمية الكبرى منذ تولي وزارة المعارف الوزير الشاب الأمير فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله -، وبقي في الوزارة حتى أصبح ذلك الأمير خادماً للحرمين الشريفين وملكاً في هذا البلد، وتشرف أيضاً بخدمة بلده في ظل الملك الذي كان همه يتركز على التعليم بوصفه أداة من أدوات التقدم الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وكذلك السياسي طوال حياته كعادة أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز. رحم الله مَنْ قدم إلى رحمة ربه، وأطال في طاعة مَنْ بقي. لقد كان أبو خالد ملاذاً للمحتاجين إلى مساعدته في الوزارة، وما أكثر ما قدّم لأبنائه المعلمين والموظفين من المساعدات والشفاعات في كل المناصب التي تولاها. عرفناه زميلاً يتصف بالتواضع والحب للآخرين ومنضبطاً في عمله ومخلصاً في قوله وفعله. رحم الله شيخنا إبراهيم الحجي، وعفا عنه، وعزائي إلى أسرته الصغيرة وإلى أسرته العريضة في هذا البلد الكريم من التربويين، وعوضنا فيه خيراً، وعوضه عن جهاده الجزاء الأوفى، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
د. سعيد بن محمد المليص - عضو مجلس الشورى