الذين يدرسون العلوم الإستراتيجية ويحللون المواقف الهامة، والتي تشكل مفصلاً في القضايا الحاسمة، اعتبروا قرار الملك فهد بن عبدالعزيز فتح المنطقة الشمالية الشرقية من المملكة المحاذية للكويت والعراق للقوات الدولية لحشد القوات الأممية لتحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي الغاشم، اعتبروا ذلك القرار من أهم ما اتُخذ من قرارات إستراتيجية أدت إلى تحرير دولة الكويت وإنهاء الاحتلال العراقي.
هؤلاء الأساتذة والمحللون الذين يدرسون الأحداث والمواقف، التي تحوي مضامين ودلالات إستراتيجية، لا يحابون أحداً عند دراسة الحالة، وعن عملية تحرير دولة الكويت يؤكدون أن قرار الملك فهد بن عبدالعزيز بتوفير مسرح عمليات وقاعدة استوعبت أكثر من نصف مليون مقاتل من مختلف الدول، كان القرار المفصلي الذي أدى إلى نجاح قوات التحالف الدولي في طرد القوات العراقية من الكويت، وأنه ما لم توفر الأرضية لذلك لتعقدت عملية تحرير دولة الكويت وربما فشلت...!!
وفي دراسة مقاربة يؤكد هؤلاء العلماء والمحللون الإستراتيجيون، بأن قرار قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالذات قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإرسال قوات درع الجزيرة إلى مملكة البحرين للمساعدة والتصدي لأي عدوان وحماية المواقع الأساسية والإستراتيجية للمملكة كمنشآت الكهرباء ومحطات المياه والغاز والمؤسسات المالية ودعم القوات المسلحة في صد أي عدوان خارجي والمساهمة في إعادة الأمن والاستقرار إلى مملكة البحرين، يعد أهم قرار إستراتيجي لقادة دول مجلس التعاون في هذا القرن، ولا يعادله إلا قرار الملك فهد الذي تحدثنا عنه آنفاً.
وقرار إرسال قوات درع الجزيرة إلى مملكة البحرين يؤكد أن دول المجلس وبالذات التي سارعت إلى إرسال القوات قد تجاوزت ترددها في اتخاذ مواقف حاسمة ضد تجاوزات إيران التي تكاثرت وتفاقمت إلى درجة دفعت كثيراً من مسؤوليها وجنرالات الحرس الثوري إلى التطاول على دول الخليج العربية.
قرار إرسال قوات درع الجزيرة إلى البحرين رسالة إستراتيجية، وموقف شجاع يجب أن لا ينقص منه تخاذل البعض والتردد في تنفيذ اتفاقيات المجلس التي وُضِعت لتحصين دول الخليج العربي، وأن لا يُسمح لأصوات النشاز التي تخدم جهات لم تعد خافية أن تشوش على المواقف الخليجية القوية والتي تظهر القوة الحقيقية والقدرة لدول الخليج العربية حينما تجتمع معاً.