كثيرون سوف يتساءلون لِمَ كل هذا الاهتمام من صحيفة الجزيرة دون غيرها من الصحف بالكراسي البحثية في الجامعات مع ما يكلفها ذلك من مال كثير، وقد لا يكتفون بذلك وإنما يتساءلون أيضاً: ما فائدة هذه الكراسي في خدمة الصحيفة كون الجزيرة هي الوحيدة بين الصحف في هذا التوجه، وما إلى ذلك من أسئلة كثيرة تتكرر حول الهدف من دخول صحيفة الجزيرة إلى جامعاتنا بكراسي بحثية تحمل اسمها.
***
ومثل هذه التساؤلات حق مشروع لمن يطرحها، وهي تنم عن متابعة لصيقة بهذا الحراك الصحفي والثقافي والعلمي الذي يمثل السياسة التي تنهجها مؤسسة الجزيرة والمنهجية التكاملية للعمل الصحفي المتميز الذي تسعى صحيفة الجزيرة للمحافظة عليه وتطويره ضمن عناصر التفوق التي تسعى الصحيفة لتوظيفها لصالح خطواتها التطويرية المتسارعة ومن أجل بلوغ أهدافها وخططها المرسومة.
***
وفي كل الأحوال، فإن رسالة مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر - وهذا ما هو معلن - ينبغي ألا تنكفئ على إصدار صحيفة يومية تكتفي بالمباهاة (بعدد صفحاتها وحجم أرباحها)، وإنما أن تكون شريكاً فاعلاً ومؤثراً في كل منجز يخدم الوطن والمواطن، وأن تكون حاضرة دائماً في كل فكر نيّر وتوجه جميل وعمل صادق، وحيثما كان هناك أي عمل بناء أو مشروع وطني خلاق يتطلب من الجزيرة أن تشارك فيه بحكم تخصصها والحاجة إلى استثماره لخدمة هذا المشروع أو ذاك.
***
في شأن كراسي البحث، فقد أدركت مؤسسة الجزيرة مبكراً أهمية هذه الكراسي، والدور المنتظر منها، وتلك العلاقة الحميمة التي ينبغي أن تسود بين جامعاتنا وصحيفة الجزيرة، فكان أن بادرت إلى طرق أبواب الجامعات مبدية رغبتها في الإسهام بكراسي بحثية فيها، بل إن بعض الجامعات هي من سارعت مشكورة بعرض استضافة كرسي ل(الجزيرة) فيها، ما يعني أن (الجزيرة) هي الصحيفة المطلوبة في الجامعات، خصوصاً أن لدينا الآن عدداً من الطلبات لبعض الجامعات التي تدعو وترحب بكرسي ل(الجزيرة) فيها.
***
لقد مضت فترة ليست بالقصيرة منذ تبني الجامعات لأول كرسي ل(الجزيرة) فيها، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم كان التنافس واضحاً بين الجامعات في إيجاد حراك صحفي وثقافي وعلمي ضمن مظلة (الجزيرة) فيها، حيث ورش العمل، والندوات والمحاضرات، والدورات التدريبية، وتقديم بعض الدراسات، وغير ذلك من أنشطة لا تخدم صحيفة الجزيرة فحسب، وإنما توظف لخدمة الصحافة في المملكة، وطلاب هذه الجامعات، ويمتد نشاطها أحياناً إلى خدمة ما هو نشاط غير صحفي ضمن تنوُّع وتعدُّد الاهتمامات والتخصصات لهذه الكراسي بحكم اختلاف أسمائها وتخصصاتها من جامعة لأخرى.
***
أقول هذا بمناسبة الاحتفال بالكرسي الثامن من كراسي (الجزيرة) وقد جاء موقعه هذه المرة في جامعة طيبة بالمدينة المنورة، بعد أن احتفلنا من قبل بسبعة كراسي في سبع جامعات هي جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الأميرة نورة وجامعة حائل وجامعة القصيم وجامعة الدمام، وسيظل الطريق مفتوحاً نحو مزيد من الكراسي في جامعات أخرى بحسب ما تمليه المصلحة العامة وبعد التأكد من الحاجة إليها وفق قراءة متأنية لفائدتها وما هو مؤمل منها من خلال التواصل القائم والمستمر بين (الجزيرة) والجامعات.
***
لقد حققت الكراسي السبعة السابقة من النجاح ما شجعنا على السعي إلى جامعة طيبة لتكون ضمن منظومة كراسي (الجزيرة) البحثية، ونحن على يقين بأن كرسي (الجزيرة) الثامن في جامعة طيبة سوف يحقق من النجاح ما حققته كراسي الجامعات الأخرى من نجاحات، بل إن ما سمعناه من معالي مدير الجامعة الدكتور منصور النزهة وما تقرؤونه من تصريح له في مكان آخر من هذا العدد، مع ما قاله المسؤولون الأكاديميون والأكاديميات في الجامعة من كلام موضوعي يجعلنا نطمئن على أن كرسي (الجزيرة) في جامعة طيبة موعود بالنجاح المبكر وبالتميز غير المسبوق وبالعمل الناجح الذي سوف يشجعنا لأن نطل قريباً على جامعات أخرى للهدف نفسه من أجل كراسي بحثية مميزة وناجحة ومفيدة للوطن والمواطن.