يقول الشاب التونسي أحمد: كنت أستيقظ في الساعة الواحدة ظهرا وأذهب إلى المقهى حيث كان ينتظرني أصدقاء لا يعملون مثلي، وأبقى في المقهى حتى ساعات المساء الأولى، أعود بعدها إلى المنزل فأجلس أمام الكمبيوتر حتى الخامسة صباحا، أنتقل بعدها إلى فراشي.
الشاب أحمد جامعي تخرج ولم يجد عملا طيلة ثلاث سنوات، يصف في الأسطر السابقة كيف اختفت ثلاث سنوات من عمره بلا معنى ولا دخل ولا زواج وسكن واستقرار. كان يجلس أمام الكمبيوتر قرابة اثنتي عشرة ساعة يوميا يتفرج خلالها وحيدا على العالم في غرفة باردة. يمكن لأحمد خلال هذه الساعات الاثني عشر أن يدخل على مواقع عهر وتحلل أخلاقي من كل نوع، وإلى مواقع إرهابية تحريضية، وإلى مواقع أدلجة معادية لوطنه وحضارته، وإلى مواقع تغريه بالانضمام لشبكات تجسس لدول أخرى ولمنظمات المتاجرة بالمخدرات والرقيق الأبيض وغسيل الأموال، إلى آخر الاحتمالات، وتذكروا أن الجوع كافر وليس له أخلاق. ثلاث سنوات تحمل كل سنة في بطنها ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، أي ما مجموعه ألف وخمسة وتسعون يوما، والشاب أحمد ومثله مئات الألوف من الشباب والشابات التونسيين العاطلين يغوصون بدون محاولات إنقاذ من حولهم في ذلك المنزلق الخطير، وهذا في تونس فقط. كم يصبح عدد الشبان والشابات الذين يعيشون هذا الواقع في العالم العربي كله من الخليج إلى المحيط، كم هم؟ ملايين الشباب .. نعم !. هذه قنابل موقوتة لا تحمل سلاحا فتاكا واحدا فقط وإنما عدة أنواع منها الجنس والإيدز والمخدرات والتجسس للغير والإرهاب وغسيل الأموال والعمل ضد الأوطان بحاضرها ومستقبلها.
هنا في المملكة العربية السعودية نسأل الله لها السلامة، حمدنا الله كثيرا على أننا بقينا بمنأى عن الانفجارات الشبابية الكبرى، ولذلك يتوجب علينا شكر الله ورجاؤه أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا سحا غدقا عاجلا غيرآجل للقضاء السريع بطريقة علمية ومنهجية وعادلة على جميع أسباب الفراغ والبطالة المؤدية إلى الموبقات المهلكات.
تنفسنا الصعداء وهنأنا أنفسنا برفض المجتمع للتحريض من الخارج وبحرصه على السلم الاجتماعي وتفضيله التعبير الهادئ السلمي المباشر عن مطالبه الاجتماعية، لكننا في الحقيقة لسنا بحاجة لتهنئة أنفسنا باللحظة الآنية الهادئة والمريحة بقدر حاجتنا الملحة للإسراع بتحقيق ما أمر بتنفيذه قائد الدولة والمسيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. من أولويات الملك الصالح أطال الله في عمره تحقيق مطالب الشباب المشروعة في الكسب الشريف الضامن عدلاوكفاية للاستقرار الأسري وممارسة حقهم في المشاركة الفعالة في مستقبل بلادهم كواحدة من أهم خطوات الإصلاح، ونحن واثقون أنه سوف يتبعها إن شاء الله خطوات أكثر على يد هذا الملك الصالح المصلح. لا نريد أن تقف المماطلة البيروقراطية والشد والجذب خلف الكواليس في طريق تحقيق أوامرخادم الحرمين الشريفين تجاه مطالب أبناء الوطن الشباب. كل شاب وشابة يترك للبطالة والفراغ والفقر لتعبث بمستقبله وعقله في هذا الزمن المتشابك يشكل مشروع متفجرات خطيرة في المستقبل. الوقاية خير من العلاج لأن المنطقة كلها أصبحت كما ترون على سطح بركان ساخن.