|
عاش شعب المملكة العربية السعودية في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الأفراح لامست كل آمال وطموحات هذا الشعب.. فمنذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن نجاح الرحلة العلاجية لخادم الحرمين الشريفين حتى لحظة وصوله لوطنه مع كل ما حمله لقاء الشعب برمز وحدته من عاطفة عبر عنها الصغير والكبير.. مروراً بالأوامر الملكية التي رافقت عودته -حفظه الله- والتي توخت رفع أكبر قدر ممكن من معاناة المواطن حتى اللحظة التي أعلن فيها المواطنون تعلقهم بأمن وطنهم واستقراره من خلال رفضهم المطلق والكلي لدعوات الفوضى والانفلات حتى جاءت حزمة القرارات الكبرى والتي كانت إيذاناً بالولوج إلى مرحلة جديدة في تاريخ هذا الوطن.. مرحلة أظهرت بوضوح ليس بعده وضوح مدى نضج ووعي هذا الشعب ويقظته في لحظة تاريخية فاصلة تعج فيها المنطقة بدعوات وأدعياء اقتحام المجهول من منطلق صحيح وسليم أحياناً ومن منطلقات لا تضمر الخير والرأفة بشعوبها أحياناً أخرى... لقد رأى الشعب السعودي بأم عينيه مآل التفلت وإطلاق العنان للغرائز المذهبية والفئوية والانتهازية وقرر بوعي واستشعار رائع للمسؤولية أنه في غنى عن هذه الدعوات وهؤلاء الأدعياء.. إن المقياس والمحك الحقيقي لوعي الشعوب هو مدى إدراكها لمصلحتها بعيداً عن زيف وإغراءات المغرضين والمتلاعبين بالعواطف والغرائز.
هذا إذاً هو الحد الفاصل بين من يروم الخير والاستقرار ويتطلع بتفاؤل إلى غد أكثر إشراقاً وبين من سمحوا للعاطفة والغريزة والدعوات المذهبية البراقة أن تسلبهم وتسلب الأجيال القادمة نعمة الأمن فسمعنا ورأينا في بلاد قريبة وغالية ما يدمي القلب.. سمعنا بأهوال وفظائع فاقت في تغولها توحشها وبربريتها أقسى الجرائم وأعتاها..
هذا إذاً شعب يستحق الحياة ويستحق التكريم ويستحق أقصى ما يمكن أن يقدمه الراعي لرعيته من محبة وعطاء.. وهكذا جاء عطاء خادم الحرمين الشريفين والقيادة السعودية كبيراً ورائعاً وملامساً لكل آمال وتطلعات هذا الشعب.. إن حزمة القرارات الملكية التي أعلن عنها يوم الجمعة المباركة فاقت في شموليتها وتحسسها لحاجات وآمال الشعب السعودي كل التوقعات وأعطت لشباب هذا الوطن شحنة هائلة من الأمل بمستقبل يتسع أفقه ليحقق كل التطلعات.. ستتوشح الحياة السعودية إذاً، بنظرة مستقبليه مفادها أن ما هو قادم سيكون بإذن الله أجمل وأعظم.. وسيتعاظم النشاط الاقتصادي ويتضاعف محدثاً ملايين فرص العمل الكريم لشباب يتسلح اليوم بالعلم في جامعات تتسابق لتعظيم مخرجاتها.. ولشباب خرج إلى كل بقعة من بقاع الأرض في برنامج ملكي جريء وكريم ليأخذ من جامعات العالم أفضل ما يمكنها تقديمه.
ستعود طيور المال المهاجرة (أو ما خرج منها) لتستثمر في وطن أثبت أنه أهلا للاستثمار وسيأتي المال الأجنبي لأنه سيجد أمامه الفرص العظيمة والأمن والاستقرار.
ولقد كانت تحية الملك لأبنائه الساهرين على راحة وأمن المواطن رائعة نزلت على قلوب المواطنين كوقع المطر الذي تتعطر به أجواء الوطن هذه الأيام.. فلا استقرار ولا ازدهار بدون إحساس المواطن بأن بلده ينعم بالأمن وأن بإمكانه أن يغادر مدينته أو ينام ليلته مطمئناً إلى مصير أبنائه.
ربما لم يعرف البعض مدى عمق المضامين التي حملتها كلمة خادم الحرمين الشريفين القصيرة.. لكن أحداً لا يجب أن يغفل عن حديثه المفعم بالحب والمتضمن فخره بمواطنيه.. نعم من حق عبدالله بن عبدالعزيز أن يفخر بنضج ووعي مواطنيه.. فمن هنا يقاس استعداد الشعوب ومقدرتها على استشراف غدها ومستقبلها.. هذا النضج وهذا الوعي هو الذي سيكون بإذن الله وتوفيقه سياج المستقبل والصخرة التي ستتحطم عليها دعوات التفلت والفوضى.. والعاقبة للمتقين.