ما أحوجنا إلى تنمية ثقافة المسؤولية بشكل يخرجنا من قوقعة المفاهيم السطحية لهذا المنهج الواسع العميق، وما أحوجنا إلى إدخال البعد الإداري المنهجي إلى مدخل المسؤولية الاجتماعية وفق الاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية التي تهدف إلى رفد المجتمع بطاقات جديدة، وتسهم في تطويره، بشكل فعلي، من خلال دعم المبادرات التي تشعر المؤسسات بأنها بحاجات إلى الدعم وترتكز على الاستدامة.
فالمسؤولية الاجتماعية في مفهومها الشامل هي التزام مستمر من قبل الشركات بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للعاملين في تلك الشركات ومجتمعهم المحلي والدولي، ومن أبرز عناصر المسؤولية الشفافية والتواصل مع الأطراف الأخرى، وهذا يقود إلى الإفصاح عن الأنشطة المتصلة بأداء المسؤولية الاجتماعية. وحتى تؤدي المسؤولية الاجتماعية دورها، لابد من المزج بين مفهوم المسؤولية ومفهوم الجودة والتميز في الأداء وفق منهجية تؤدي إلى التطور الشامل للشركات تجاه المجتمع، مع ضرورة أحداث التأثير الإيجابي المتوقع تجاه المجتمع.
ولكي نخطو في الطريق الصحيح في اتجاه المفهوم العصري لهذه الثقافة، لابد أن تكون مبادرات المسؤولية الاجتماعية مدرجة في صلب الإستراتيجيات التي تتبناها الشركات، وهذا يحتم على الشركات فهم المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة فهما عميقاً، وكذلك معرفة الاتجاهات المستقبلية، والتشريعات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، وهذا يصب في رصيد الحوكمة والمؤسساتية، وهذا ما تفتقده المسؤولية الاجتماعية في واقعنا.
إذن نحن نحتاج إلى منهجية يؤسس عليها نشاط المسؤولية الاجتماعية، نحتاج إلى رؤية واسعة وعميقة، تتجاوز النظر الحالية التي تدور في فلك الربحية والترويج والحلقة الضيقة للمسؤولية الاجتماعية، وتنعتق من أسار الاستجابة للتوجيهات إلى رحابة التوجهات، والخروج من قطب المجاملة إلى فضاء العمل الإستراتيجي، والنشاط المنهجي المؤسس، والانتقال من خانة تركيز النظر حول بؤرة المردود الربحي لنشاط المسؤولية، إلى التحديق بعيداً في مآلات المجتمع واتجاهات بوصلته ضمن منهجية المسؤولية الاجتماعية وتوجهاتها وفقاً للرؤية الشاملة التي تستهدف نقل المجتمع إلى أوضاع أفضل على طريق التنمية المستدامة.