ثمة طفلة صغيرة لم يتجاوز عمرها الـ(4) سنوات أصبحت ولكثر ما ترى خطاب العقيد القذافي في الفضائيات العربية تقلده تمام التقليد في ثورته العارمة ضد من أسماهم الجرذان والعياذ بالله!! لذا أصبحت تقطب حاجبيها وتقلص عضلات وجهها وترفع قبضتها الصغيرة وتهتف ببراءة (توره.. توره.. توره) وهذا المشهد الكاريكاتيري البريء يجسد المشهد السياسي العربي (اللا بريء) هذه الأيام لا سيما باختلاط الحابل بالنابل في ثوراتنا العربية (المجيدة) التي قامت أساساً ضد ثورات سابقة تربعت على كراسي الحكم حتى (هرمت) ومن ثم أرادت أن تورث (الحكم والثورة) معاً إلى أولادها مما جعل الجماهير (تزهق) من هذا المشهد المقرف حقاً، وبما أن كل (الجماهير) العربية اليوم تثور ضد ثورات بلادها السابقة فاسمحوا لي أن أثور أنا على ثورة لم تزل (لابدة) في زمن قيام الثورات وهذه الثورة التي أنا بصدد شجبها هي أقدم ثورة عربية تخصني وتخص أبناء جيلي بشكل خاص والتي كنا نعتبرها ولم نزل هي الثورة العادلة في الشرق الأوسط بل في العالم كله لأنها كانت قبلاً ثورة لا تطالب بمزيد من الحريات، ولا بإلغاء البطالة ولا برحيل حاكم، بل إنها ثورة مسلوبة الحرية منذ نصف قرن ولا تملك بلداً كاملاً حتى يكون فيه بطالة وليس لها حاكم يرحل بل عدو محتل لأرضها وخيرات أرضها وحريات شعبها ولكنها على الرغم من اندلاع الثورات (حولها وحواليها) لم تحرك ساكناً ولم تقم بمظاهرة ولو صغيرة ولو من قبيل رفع العتب ليس إلا (!!) على الرغم من أنها على خلاف كل الثورات العربية الآنية والتي لا تحمل جماهيرها إلا (القبضة العارية) هي الثورة التي لديها السلاح الكثير بدءاً من البندقية حتى الصاروخ ولكنها لم تزل (لابدة) بل و(منسدحة) أيضاً ويا للأسف الشديد، فهل عرفتم هذه الثورة؟ إنها الثورة الفلسطينية ما غيرها. مع أن الشاعر يقول:
ما يسلم إلا من يعيل
والمنسدح كلن وطاه!!