لقد أمر الله عزَّ وجلَّ عباده المؤمنين بتوحيد صفوفهم وجمع كلمتهم وعدم تفرّقهم، يقول تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، وأمر بجمع الكلمة وعدم الاختلاف فقال سبحانه: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ}، والله جلَّ وعلا إنما نهى عن الاختلاف والفرقة لما فيهما من الفشل والضعف وتسلّط الأعداء يقول سبحانه: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وإن هذه المظاهرات التي سنَّها أعداء الدين ليس من ورائها إلا الاختلاف والفرقة والتناحر وسفك الدماء وضياع الأمن واختلاله، ولا شك أن الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، فلا يستساغ طعام ولا شراب ولا عبادة إذا فُقد الأمن ومصداقه قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}، وبحصول هذه المظاهرات فقدان للأمن وحصول الخوف على الأنفس والأعراض والأموال، وإننا في هذه البلاد التي تحكم بشريعة الله نعيش في أمن وأمان وراحة واستقرار تحتاج منّا أن نؤدي شكر هذه النعم بأن نصرفها في مرضاة موجدها وهو الله عزَّ وجلَّ، وأن نكون يداً واحدة مع ولاة أمرنا وعلمائنا والمجتمع حتى ننعم ونسعد في وطننا ونعبد ربنا في أمن وأمان ونقطع الطريق على أعداء الملة والدين، ولننظر إلى مَن حولنا ممن فقدوا الأمن والأمان والراحة والاستقرار بسبب هذه المظاهرات، ونحن في هذا البلد الآمن نعيش رغد العيش في ظل حكومة رشيدة تحكّم شريعة الله في جميع شؤونها وتتبع سنة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأعداء الإسلام إنما يخطّطون للنيل من هذا الوطن الغالي ومن شبابه الذين نشأوا وتربوا على شريعة الله، فأحبوا دينهم ودافعوا عن وطنهم ولم يرضوا بهذه المظاهرات التي تعتبر دخيلة على بلادنا وليس من ورائها إلا الفرقة والاختلاف، وقد أفتى كبار العلماء في هذه البلاد قديماً وحديثاً بتحريم المظاهرات والنشر لها والانسياق خلفها وراء قنوات هدّامة، وهذه المظاهرات هي نوع من الخروج على ولي الأمر وهذا لا يجوز، وشبابنا يدركون خطورة وعواقب هذه المظاهرات، فينبغي علينا أن نوحّد الصف ونجمع الكلمة وأن نلتف حول ولاة أمرنا وعلمائنا امتثالاً لقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}، حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا وشبابنا ونساءنا من شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار إلا طارق يطرق بخير.. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد.
عبدالعزيز بن علي الرومي - القاضي بمحكمة الاستئناف بالباحة، والمكلّف بالعمل بالمحكمة العامة بالرياض