المسمى غريب وملفت للانتباه من الوهلة الأولى، وأعني به أن يكون لدى الواحد منا القدرة على التحكم والإمساك بزمام أمور خواطره ومشاعره ودوافعه، فلا يقحم مشاعر الصباح الصاخبة في أعمال المساء ولا غضبه في المنزل فينقله معه لبيئة العمل والدوام. الشخص القادر على وضع (فواصل) بين تنقلاته اليومية في محطات ومراحل يومه بحزم وثقة هو لاشك ناجح بتقدير امتياز، لأنه تمكن من التعامل مع كل موقف على حده وباستقلال.
هي مهارة تتطلب مزيدا من الممارسة والتعود والتدريب حتى تصبح سجية وخصلة.
هذه هي السمة البارزة التي اتفق عليها الناجحون والعظماء والقادة. ففي البيئة المهنية (العمل) يقوم بدوره كرئيس بأحسن حال وأعلى كفاءة يتعاون مع الزملاء ويتفهم العوائق ويصدر القرارات المنضبطة المنبثقة من عقل راجح وتفكير متأن فليست دوافع القرار كانت نتيجة تغير في المزاج أو ردة فعل في المواقف.
وفي الحياة الأسرية يتمثل دوره إن كان أبا أو أخا أو ابنا من دون جلب أو تقمص شخصيتيه المهنية للمنزل، بل هناك يؤدي ما عليه بما يناسب حاله فمع والدته يتحول لابن مطيع بار منكسر الهيبة ذليل لها ولأمرها ولحاجتها، تطلب منه عملاً فيؤديه كما يحب أن يؤدي المرؤوس ما يطلبه هو في عمله، وتسأله عن أمر فيجيبها من غير أنفة ولا غرور ولا استعلاء ولا تكبر. وإن كان أبا فيقوم بدور الوالد الشفيق الحكيم مع ولده في الحنان عليه والتودد له والحرص والشفقة عليه لا كالرئيس الآمر الناهي.
هذه المهارة تجعل الحياة متوازنة وممتعة، تنعكس إيجاباً على إنجازنا ونتاجنا وتفكيرنا وطاقتنا ونشاطنا (أن نعيش هذه اللحظة وفي هذا المكان) نمنع من تداخل الأحداث على بعضها البعض، نفصل فيها بين الحياة المهنية والحياة الاجتماعية نتعامل مع كل الاتجاهين على حده وحكمة.
ما يجعل حياتنا معقدة في جل أوقاتنا سببه (حمل الهموم) والتنقل بها من موقع لآخر، منزلك الذي تعيش به وتطلب الأنس فيه مع أبنائك وبناتك ما ذنبهم أن تخبرهم بهمومك وأوجاعك التي نلتها وواجهتها في عملك اليوم، لماذا تقحمهم في مشكلات هم في غنى عنها.
أليسوا بحاجة لأب يتكلم معهم عن الخير والحب والأمل هم ما ذنبهم؟ وزملاؤك الذين في مهنتك ما هو الذنب الذي اقترفوه إن أنت تعاملت معهم نتيجة غضبك من أسرتك أو أحد أبنائك أو أحد جيرانك بانفعال وعدوانية.
ليس الإنسان بطبيعته الفطرية القائمة على المشاعر والأحاسيس بقادر على قتل تلك المشاعر وإخفائها ولفلفتها في معطف والزج بها في مكان بعيد حيث لا يراه أحد هذا بالطبع يحال ولا يقدر عليه أحد مادام من البشر، إنما هو المحاولة للتخفيف من هذا السلوك والتصرف السيئ الذي يحرمنا ويحرم غيرنا من القدرة على الاستمتاع بالحياة، إدارة الذهن تمكننا من زيادة عطائنا واستمراره، الحياة تحتاج منا ذكاء للتعامل معها بحكمة ودراية حتى نصبح سعداء.
قم اليوم بالتعلم على اكتساب هذه الخصلة وتمرسها حتى تألفها وتأنس بها وستدرك مدى حاجتنا لها وفائدتها المرجوة على حياتنا.