حينما يعود المرء إلى قراءة تاريخ الأمم القوية يجد أن سرّ قوتها يكمن في اتحادها أصلا انطلاقاً من المقولة العتيدة (الاتحاد قوة والتفرقة ضعف) ومن هنا نما وتعاظم اتحاد الولايات الأمريكية ليصبح أقوى قوة في العالم وكذلك فعل اتحاد الجمهوريات السوفياتية ليصبح الاتحاد السوفيتي قوة مماثلة للقوة الأمريكية لدرجة أنه حتى حينما (انفلش) أيدلوجيا ظل يتمسك بالوحدة الروسية باعتبارها نواة ذلك الاتحاد الضخم والأمر كذلك حدث بالنسبة للدول الأوروبية الحديثة والتي أدركت متأخرة جدوى الاتحاد لتخرج للعالم بالاتحاد الأوروبي القوى، هذا بالنسبة إلى العالم المتقدم الأول أما بالنسبة إلى العالم الثالث فقد قامت بعض الوحدات (الهلامية) في الوطن العربي تحديداً والتي لم يكتب لها الاستمرار لأسباب تتعلق بفكر (الاستحواذ) لذلك لم تقم وحدة بالشكل الصحيح إلا تلك الوحدة المباركة التي أرسى دعائمها الملك الراحل والموحد العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه. والذي جمع أطراف قارة الجزيرة العربية تحت علم واحد ودستور إلهي واحد ودولة مركزية واحدة يستفيد من خيراتها كل من سكن هذه الأرض المباركة، ثم بعد ذلك وبالنسبة للعالم العربي قامت وحدة رائعة بين إمارات الساحل المتصالح والتي عرفت فيما بعد بالإمارات العربية المتحدة والتي أصبحت من خلال هذا الاتحاد والقيادة الرشيدة للشيخ زايد طيب الله ثراه من أغنى وآمن الدول في العالم الحديث.
أي أننا نريد القول - صراحة- إن وحدة المملكة العربية السعودية ووحدة الإمارات العربية المتحدة هي أنجح وأنجع وأصدق الوحدات العربية على الاطلاق مما يدعو للقول ومن خلال قيام مجلس التعاون الخليجي أن بلدان الخليج والجزيرة العربية ممهدة قبلا وبعداً لقيام وحدة عربية خليجية قوية تنهض في زمن قيام الاتحادات العالمية الهائلة التي تحمي شعوبها ومقدراتها واقتصادها من غائلة أحداث التاريخ، ولعل ما يثلج الصدر فعلا هو قيام مجلس التعاون الخليجي بالدعم السريع والمباشر لدولتين من هذا الاتحاد ألا وهما البحرين وسلطنة عُمان من أجل تحسين وضعهما الاقتصادي ولمواجهة المتطلبات التي تفرضها المتغيرات السياسية في المنطقة العربية، وبمناسبة ذكر المتغيرات العارمة التي تعصف بالعالم العربي فإنه غدا من الضروري بل والحتمي أن تقوم وحدة حقيقية شاملة بين بلدان الخليج لمواجهة التهديدات والمتغيرات والتدخلات الخارجية في شؤونها الخاصة، حتى تبقى هذه البقعة العزيزة قوية مهابة الجانب سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية: فهل تفعل دول الخليج ذلك؟