|
الثقافة الإسكانية هي ذائقة الشعوب في الارتقاء بفن السكن والمساكن وهي ذائقة تحفزها بجانب الرقي الثقافي الإسكاني، التغيرات المفاجئة في أسواق العقار كارتفاع العقارات وارتفاع أسعار مواد البناء بعد ارتفاع أسعار الأراضي الأمر الذي يدفع الناس إلى التحول من المساحات الواسعة إلى المساحات المتوسطة والصغيرة، ومن المعروف في عالم العقار أن صغر مساحة العقار سواء أكان مسكناً أو مكتباً، يستدعي تدخل الذوق والتصميم الفني لإضفاء مسحة جمالية تطغى على صغر مساحة العقار.
إن موجات التغيير العالمي ودخولها في طريقة التصميم الحديثة خاصة فيما يتعلق بالمساحات الصغيرة في المنتجات العقارية المنتشرة حول العالم والتي تحولت إلى مبتكرات وأفكار تصميمية جديدة أضفت مسحة جمالية على التصميمات الداخلية وفرضت على الشركات العقارية العالمية الارتقاء بمسألتي الابتكار والتصميم العقاريين، لذا لا بد من تطوير (الوعي العقاري) وتوسيع آفاقه خاصة فيما يعرف بمسألة (الذوق المجتمعي)، فلا بد للشركات العقارية بذوق المجتمعات المختلفة لتصميم ما يتناسب مع هذه الأذواق، وهذه الثقافة - أي ثقافة الإلمام بأذواق المجتمعات المختلفة - ساهمت في عملية الانتقال الملحوظ من تملّك المساحات العقارية الواسعة إلى التحول إلى المساحات الضيقة التي فرضتها التصميمات الجمالية الحديثة.
وقد ظهر هذا الاتجاه جلياً من خلال دراسة متطلبات المستهلكين في التصاميم الداخلية خاصة من خلال المعارض العقارية، حيث ظهرت رغبة الكثير من المستهلكين لترك المجال مفتوحاً أمامهم لاختيار تصاميمهم الداخلية الخاصة فيما يتعلق بالشقق السكنية والتي تتركز غالباً في الجمالية التي طغت على عالم العقار عالمياً.
لقد بلغ الوعي العقاري والثقافة العقارية مبلغاً لا يستهان به ودخل الرجل الخليجي مثلاً هذا الميدان بذائقة عالية وثقافة واسعة خاصة في عملية الاختيارات والابتكار باستدعاء كل ما هو جديد في هذا الجانب، كذلك بدأ اهتمامه يزداد بالتفاصيل الدقيقة عبر وعي عالي في عمليات اختيار الألوان وتناسقها وتوزيع الضوء في أرجاء المنزل، فيما سبقت المرأة الرجل في هذا المجال، حيث بدأ اهتمامها بالجماليات في وقت مبكر وسابق للرجل، واليوم طفرت بهذا الذوق إلى آفاق أرحب فأصبحت تهتم بجانب التصميم العام إلى مسألة الأثاث والتنجيد ونوعية الجلد أو القماش المستخدم الأمر الذي ارتقى بالعنصر الجمالي.
قد لا يوفّق الشخص رجلاً كان أم امرأة في اختيار نوعية طراز معين للديكور الداخلي بما لا يتماشى مع التصميم العام للبناء، وقد تعمد في معالجة هذه الحالة بالإبداع في الديكور والتفاصيل الصغيرة ليغطي تلك الزلّة.
واليوم يشهد السوق العقاري منافسة شديدة بين شركات التصميم الداخلي خصوصاً مع التوسع في المشاريع العقارية السكنية والتجارية، فالعقارات التجارية تشهد هي الأخرى عمليات التحول نحو الجماليات والتصميم الجمالي الداخلي كخطوة لجذب التجار للاستثمار العقاري، لقد طغت التصاميم الكلاسيكية على الأذواق العامة للرجال والنساء على السواء، ولكن إضفاء المسحات الجمالية الحديثة لهذه الكلاسيكيات زاد من بهاء التصميم وجمال التشكيل حتى ظن البعض أننا في مرحلة تشييد جديدة وطراز للبناء لم تسبقنا إليه الحضارات الإنشائية السابقة.
(*) مستثمر في مجال البناء والعقار بشمال الرياض