الذين يعملون في مجالات الإعلام من السهل عليهم أن يصنّفوا من يمتهن هذا الضرب من العمل، ومع أن المهن وُجدت ليُقتات من ورائها، إلا أن هناك مهناً محددة تتجاوز التزاماتها الأخلاقية والأدبية والإنسانية، فالطبيب يتجاوز الإغراءات المالية من أجل تأدية واجبه المهني والإنساني وكذا الأستاذ والمعلم، وإن ظهرت صوراً شاذة فإنها لا تعد قاعدة؛ ولهذا فإن الإعلامي صحفي أو تلفزيوني وحتى المدون لا يمكن أن يكون همه التكسب المادي مقدماً على الرسالة الأخلاقية والأدبية التي يفترض أن يلتزم بها، وبالذات إذا كان الأمر وما يقدمه من معلومات تتعلق بمصير دول وأوطان وأرواح البشر.
أبشع من ذلك أن يفضل صحفي حفنة من المال على انتمائه الوطني، فيقبل أن يكون صنيعة لإحدى المحطات الفضائية المعروفة بعدائها للمملكة وللعرب جميعاً فيحل طرفاً في تلك المحطة ليتحدث عن اضطرابات واحتجاجات مزعومة وهو الذي غادر البلاد قبل عشرات السنين، ولا يمكن أن يلتقي مواطنين سعوديين في البلد الذي يقيم فيه لأنه ملوث ولا أحد يقبل أن يلتقي به، ومع هذا يقدم نفسه على أنه عليم بما يجري في بلده الذي قبل أن يقايض الإساءة إليه بحفنة من مال للإساءة لأبناء وطنه، هذا إذ كان لا يزال يذكر هذا الوطن الذي يقبل أن يسيء إليه وأن يقبل أن يقول للمشاهدين ما يلقن به من (معلومات) تطبخ في مكاتب دوائر المخابرات التي تمول هذه المحطة المشبوهة.
كنت أتابع وقائع البرنامج الحواري الذي شارك فيه ذلك الصحفي وأستمع إليه يردد ما لقّن به وكنت أرثي له وكل من يرتبط به إذ كان يمثل أدنى درجات السقوط الذي يدفع بعض ضعاف النفوس إلى تحويل مهنة الإعلام من مهنة خدمة الحقيقة، إلى تزييفها حباً للمال.