قبل أشهر كانت هناك أهمية لما يسمى بدراسات المستقبل، وكان هناك اعتراف بما تقدمه مراكز الدراسات في العالم الغربي، والتي كانت تدرس أوضاع المنطقة العربية تحلل وتنظر وتقدم نتائج وتقدم حلولاً، وكان موقع تلك المراكز عالياً محترفاً.
ولكن هذا الزلزال الذي وقع فجأة في المنطقة العربية وأطاح بنظامين عتيدين في مصر وتونس وأنهى وجودهما بعد حكم استمر عشرات السنين، ودون تدخل جيش أي دون انقلاب عسكري بل عن طريق شباب شعر بالظلم ومل من الوجوه التي ظلت متداولة دون تغير، إضافة إلى انعدام العدالة وضياع الحقوق وسيطرة المنافقين، وألحق بهما ليبيا وتمرغت سمعة العقيد العتيد في التراب وتحول ذلك الجبار البطاش إلى أضحوكة تمتلئ مواقع اليوتيوب بمقاطع مضحكة عنه، هذا الزلزال أضاع جهود كل مراكز البحوث وجعلنا نعيد النظر في دراسات المستقبل، فكيف لم تستطع مئات الدراسات أن تصل إلى أي شيء يتعلق بهذه الأحداث على النحو الذي وقعت عليه، وجاءت به.
إنني كمؤرخة أجد صعوبة في متابعة اللحظة الراهنة التي تنتقل أحداثها متسارعة دون أن تترك مجالاً للتفكير، وأتأمل كثيراً في الكيفية التي ستؤرخ عليها الفترة مستقبلاً، وما الذي سيقال؟. وكيف أن الاعتماد في التأريخ لأحداثها قد يكون على المواد البصرية التي امتلأت بها القنوات العربية وغيرها، في ترك الناس المادة المكتوبة لأنها أقل قيمة وأضعف في توضيح الصورة.
أحداثنا المعاصرة يبدو أن مؤرخها ستكون القنوات الفضائية والإنترنت والفيس بوك والتويتر، كما أنها هي محركها وموقدها ومؤججها.
يبدو أن التاريخ يجد صعوبة في ملاحقة هذه الأحداث ويشعر بعجز تجاهها ذلك ما خلصت إليه من المتابعة والملاحقة منذ بداية الأحداث في تونس وإلى اليوم.