قرأتُ ما كُتب في صفحات هذه الجريدة عن افتتاح عدد من الكليات بكل المناطق. إن خطة نشر الجامعات من كل مناطق المملكة خطة طموحة، بدأت بتنفيذها وزارة التعليم العالي من خلال بناء مدن جامعية ضخمة في كل منطقة من مناطق المملكة، والخطة الأخرى الأكثر ذكاء هي نشر الكليات الجامعية في كل مدينة من مدن المنطقة الموجودة بها الجامعة وتتبع لإدارة الجامعة نفسها فكأن الوزارة تقول لنا إن المخرجات التعليمية الأفضل والأكثر تأثيراً هي في وجود الكلية في مقر سكن الطلبة والطالبات؛ ما يجعل تلقي التعليم أكثر سهولة وأكثر قبولاً بدون النظر إلى المدخلات التعليمية وتكلفتها؛ حيث إن انتشار الكليات على مساحة واسعة سيكون أكثر كلفة (ظاهرية) من وجود الكليات في مدينة جامعية واحدة، ولكن المخرج التعليمي سيكون أكثر جودة؛ حيث سيكون لهذه الكليات أثر في الناتج الاقتصادي المحلي للمدينة (توظيف إداريين وأعضاء هيئة تدريس)، كما أن التعليم سيكون فعالاً أكثر (المسافة الطويلة ترهق الطلبة في الانتقال).
محافظة الأسياح إحدى المحافظات المهمة في منطقة القصيم، وهي البوابة الشمالية للمنطقة، وتقع في منطقة نائية نوعاً ما عن محافظات المنطقة ومدنها؛ حيث تقع في أقصى الشمال الشرقي للمنطقة (تبعد 60 كم عن أقرب مدينة لها، وهي مدينة بريدة)، وهي محافظة واسعة الأرجاء؛ حيث تمتد مدنها وقراها على مسافة أكثر من 60 كم أيضاً، أي أن أقصى مدينة بها تبعد أكثر من 120 كم عن مدينة بريدة، كما أن مدينة قبة الواقعة شمالها أيضاً تبعد نحو 150 كم عن مدينة بريدة، وهذا البُعد الجغرافي للمحافظة حتّم افتتاح كلية جامعية للبنات بها بوصفها مرحلة أولى، ثم كلية جامعية للبنين بوصفها مرحلة ثانية، ومن الضرورة اعتماد فتح كلية جامعية للبنات بها في العام المالي القادم؛ نظراً للمبررات الآتية:
1 - العدد الكبير لسكان المحافظة الذي يزيد على (25000 نسمة)؛ حيث إن عدد السكان مؤشر قوي لافتتاح الكليات الجامعية وغيرها من الخدمات.
2- العدد الكبير للطالبات اللائي يواصلن تعليمهن الجامعي من أقرب مدينة (مدينة بريدة)، وللدلالة على ذلك فإنه يتحرك يومياً ما لا يقل عن 10 باصات كبيرة من محافظة الأسياح باتجاه مدينة بريدة (التي تبعد 60 كم)؛ وذلك لإيصال الطالبات إلى الكليات الجامعية ببريدة في رحلة شاقة تبدأ مع ساعات الفجر الأولى وتنتهي بالقرب من العصر أو المساء، إضافة إلى العشرات من الطالبات اللائي يُنقلن بسيارات خاصة لأولياء أمورهن، وهن يقاربن العدد الذي يُنقل بواسطة الحافلات.
3 - النمو الكبير لمحافظة الأسياح واتساع مساحتها؛ حيث إن هذه المحافظة محافظة ذات تمدد ريفي ورعوي وقروي كبير جداً؛ فعلى طريق يمتد لأكثر من 60 كم تنتشر عدد من المدن والقرى مثل: عين ابن شهيد، تنومة، طريف، حنيظل، أبا الورود وضيدة، إضافة إلى عدد كبير من الهجر. ونمو هذه المحافظة حتم افتتاح عدد من المدارس الثانوية للبنات في كل هذه المدن والقرى والهجر، ولا شك سيواصلن تعليمهن الجامعي ويجدن من الصعوبة الانتقال بشكل يومي إلى بريدة، كما أن المحافظة مرشحة للنمو الكبير مستقبلاً نظراً لمساحتها واستراتيجية موقعها السياحي والاقتصادي للمنطقة.
4 - المحافظة محافظة نائية (تقع أقصى شمال شرق القصيم)، ولا يوجد مدن بعدها أو قبلها إلا بمسافات بعيدة، ولا توجد بها صفة مدن القصيم الأخرى المتقاربة نوعاً ما، التي تتبادل الخدمات التعليمية بها وتكمل بعضها خدمات بعض؛ لذا فإن الأسياح هي من أكثر المحافظات أولوية في افتتاح كلية للبنات نظراً لهذا السبب.
ومن هنا فإنني أناشد معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري ومعالي نائبه الدكتور علي بن سليمان العطية.. أناشدهما إدراج افتتاح كلية جامعية للبنات بمحافظة الأسياح مع مشاريع العام المالي القادم 1432 - 1433هـ ودراسة ذلك بكل حيادية عن طريق فريق مختص لدراسة هذه المبررات، وأثق باهتمامهما وإخلاصهما وكذلك اهتمام معالي مدير جامعة القصيم الدكتور خالد الحمودي، وأثق حتماً بتقديرهم هذه المبررات، كما أناشد مجلس منطقة القصيم بأمانته الأمينة وأعضائه الميامين بقيادة واعية من سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير فيصل بن مشعل إدراج محافظة الأسياح ضمن أولويات مشاريع الكليات.
م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني