أعتقد أنه لا يوجد عَلم يهتز ويرفرف من غير هواء أو نسمة تحركه. ولكن هناك أعلام من الناس تراها تعلو بعلو أخلاقها، شامخة تزداد نضارة بإنسانيتها، ترفرف خفاقة، تبهرك بحسن مظهرها، تجذبك إليها بألوانها الزاهية، مطرزة بخيوط من الثقة والإنسانية وكأنها خيوط من ذهب لا تصدأ ولا تتغير.
إنه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز محي الدين خوجة، الذي كان لي الشرف بمقابلته، لفت نظري تواضعه والابتسامة التي لا تفارق محياه، وكان السؤال عن والدي - رحمه الله - الذي كان متعاوناً مع وزارة الإعلام، تحدث معي وكأنني صديق قديم لم يرني منذ زمن بعيد.
استمع إلي.. لم ينظر حتى إلى الساعة ليشعرني بضيق الوقت، بل كان منصتاً لي ونظراته لا تفارق وجهي دليل على اهتمامه بمن كان يراجعه. هنا أحسست أن المسؤولية ليست كبرياء تحجبك عن الغير وتمنعك من النظر في متطلباتهم وأحوالهم ومقترحاتهم.
أحسست أن المناصب العليا تناسب أمثال هذا الرجل وكأنها قد فصلت له.
لقد كانت مقابلتي له قصيرة، ولكنها كانت كبيرة برحابة صدره، وحسن مقابلته وتواضعه الجم، وهنا لا ننسى أنه الوزير.. السفير.. الشاعر.. وفوق ذلك هو الإنسان الذي لا أستطيع أن أوفيه حقه بهذه الأسطر.لقد سبق لي أن قابلت كثيراً من المسؤولين، ولكن الفارق كان كبيراً، فقد كان بعضهم - وإن كانوا قلة - وكأنه سارية بدون علم.أليس من حقنا أن نقف رافعين أيدينا تحية لهذا العَلمَ، وقبل ذلك تحية لمن اختاره ووضع الثقة فيه وزيراً للثقافة والإعلام.