تتعطل المصالح وتتوقف الأعمال وتسير المعاملات اليومية ببطء شديد وتتحول مكاتب الوزراء وسكرتارية النواب والوكلاء في الوزارات إلى بؤر للحوار والنقاش من القادم، هل سيجدد للوزير أو يغادر؟. هذه صورة من الصور التي تعيشها مكاتب الوزراء هذه الأيام.. التشكيل الوزاري الذي يفترض أن يكون تلقائياً من أجل التغيير والتطوير والتحديث يصبح أزمة عند مديري المكاتب والملتفين حولهم والمنتفعين، يصبح رحيل الوزير خسائر فادحة للبعض وللبعض الآخر يصبح التعيين مكاسب وأرباحاً جديدة.. كيف نشأت هذه الثقافة التي جعلت الأعمال والمصالح العامة تتحول إلى مواضيع شخصية تدار بالأمزجة والأهواء ويتم تجاهل الأنظمة واللوائح والإجراءات.. فهل الوزراء ومديرو المكاتب والوكلاء فوق الأنظمة حتى نجعل بقاء الوزير أو رحيله غنيمة أو خسارة؟!.. التشكيل الوزاري الذي تريده قيادة بلادنا الكريمة هو تطوير للأداء وتحديث للبرامج وتسريع للمشاريع، وهو أيضاً إجراء إداري يهدف إلى تدوير المناصب العليا لتستوعب شريحة أوسع من النخب المتعلمة والمثقفة وأصحاب الفكر والإدارة وليس توزيع حقائب وزارية من أجل رأي خاص، بل إتاحة الفرصة لقيادات جديدة تشعر أنها تملك أفكاراً جديدة وطروحات (تغييرية) تعبر عن طموح المجتمع.. لذا يلاحظ على بعض القطاعات أنها أصيبت بشبه الشلل التام وتجمدت فيها المعاملات وتوقفت حتى الإجراءات البيروقراطية وأصبح المسؤول يسرب عبارات التريث حتى يتبين حال الوزارة في حين بعض القطاعات سرع فيها المسؤول المعاملات بشكل تجاوز فيه الأنماط التقليدية في خط سير المعاملات وبخاصة صرف المستحقات المالية والترقيات والدورات حتى أن الموظفين أصيبوا بالصدمة من سرعة الإجراءات وكأن المسؤول يستخدم أسلوب تنظيف الطاولة. إلى درجة العودة إلى المعاملات التي كانت في الأدراج ليتم اعتمادها دون تدقيق ودون أن تمرر على بيروقراطية العمل. وفي الحالتين تجميد أو تسريع المعاملات هي خسائر للدولة والمواطن من خلال التفريط بحقوق الدولة وتعطيل مصالح الناس وضياع الحقوق العامة والخاصة.. كان بالإمكان تجاوز هذه المعضلة باتباع منهجية جديدة لا تجعل من الوزير هو المحرك الأوحد للوزارة وأيضاً تكون هناك آليات تحمي أنظمة الوزارة في حالة دخول المسؤول في المنطقة الرمادية ونشاط مديري المكاتب في تنامي الأقوال والمخاوف مما يحدث خللاً في سير العمل وسلامة الإجراء.. بلادنا نحمد الله متعافية اقتصادياً وإدارياً، وقيادتنا قادرة بإذن الله على تجاوز الصعاب. لذا لا يعني رحيل وزير ودخول آخر أنه بداية أو نهاية الوزارة؛ فالكفاءات متجددة والأجيال مؤهلة وقادرة على العطاء.