الأزمات التي تمر بها أغلب الشعوب العربية حالياً ليست بعيدة عن الأصابع القذرة الخارجية والأحلام التآمرية للدول التي تحلم بالهيمنة والدول التي تريد إحياء أمجاد قذفها التاريخ في مزبلته.
إلا أنني لا أنكر وقوع كثير من أخطاء بعض الحكومات العربية أدت وساعدت إلى حدوث ما يحدث الآن.. إذ إن الشباب هم عماد الأمة عليهم تبني الأمم أمالها وأحلامها وقدراتها. ولا يجب مطلقاً تجاهلهم بل كان من المتوجب تهيئة فرص العمل والحياة الشريفة لهم واحترام قدراتهم وسنين دراساتهم ومعاناتهم.. والاعتراض السلمي لا يشكل خطراً، إنما الخطر أن يتحول إلى عبث. التغيير إلى الأفضل مطلوب وإعطاء الفرصة لتجديد السبل والأساليب مطلوب وكم من الزعماء خدموا بلادهم وشاركوا في حروبها وقادوا معارك مثل (مبارك) وغيره ولكن ليس بالضرورة البقاء دائماً بنمط واحد وأسلوب واحد وطرق عفا عليها الزمن ولكن يجب عدم نسيان ما قدموه وحفظ تاريخهم. وثورة شباب مصر رفعت شعارات متنوعة أهملتها الدولة وهي في نظري المتواضع (العدالة الاجتماعية، وتوفير فرص العمل، ومكافحة البطالة، والسيطرة على انفلات الأسعار، ومزيد من الحرية المقبولة اجتماعيا) وكل هذه المطالب مشروعة وكان يجب العناية بها والعناية بالخريجين الذين لم تتنبه الحكومة لتعسف القطاع الخاص معهم وأخذت مكان المتفرج...، ولا ننسى الجنرال (ديجول) بجلالة قدره في بلده وأوربا.. صاحب الإنجازات العظيمة ومؤسس الدولة الفرنسية الحديثة.. وزعيم المقاومة الشعبية التي قاومت الاحتلال الألماني ديجول العظيم تعرض شخصياً لمظاهرات عام 1968م من طلاب الجامعات الفرنسية. انتهت باستقالته.. وغيره كثير.. لذلك لا يجب أن نغضب بل نحتاج إلى كثير من التروي والتعقل واستدراك الكوارث قبل حدوثها وعدم النوم على أحلام الماضي.. إن تطورات العصور الحديثة والضغوط المتولدة عنها ومتابعة الأحداث تجبر كل عاقل على التفكير العاجل السريع لإيجاد حلول لمشاكل في الطريق ولا ينتظرها حتى تأتي بل يسابق الزمن إليها. ويقابلها بكل عزم واقتدار ويلبي مطالب شعبه وأمته وعلى رؤساء الدول أن يدركوا أن كرامتهم من كرامة أوطانهم وأن شبابهم لهم الحق في أن يعيشوا في ظل حياة مستقرة تضمن لهم كرامتهم وإنسانيتهم ولابد من تنظيف الجروح لشباب مصر وتونس وجميع أبناء الوطن العربي بأيادي معقمة وطاهرة لأخصائيين مهرة من فئة أولئك الذين ساهموا في إنقاذ البشرية من كثير من المهالك والشرور وليسوا من جيل الشعارات والخطب الإنشائية (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) سورة الرعد آية «11».
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.