لقد عاد خادم الحرمين الشريفين الذي ملك القلوب حباً وإعجاباً وتقديراً، وارتبط اسم الملك عبدالله مع القلوب ارتباط الرأس بالجسد، وارتبط اسم الملك عبدالله مع كلمة (إنسان) التي تدل على الرحمة والعطف والإحسان، وامتزجت سيرة الملك عبدالله مع كل الأعمال الإنسانية، وانطبعت علاماته حتى على طلته البهية التي تحمل الحب الصادق لهذا الشعب الوفي الذي يبادله الحب الكبير.
لقد عاد بحمد الله ملك الإنسانية إلى أرض الوطن وإلى شعبه الوفي الذي يحن للقائه ومشاهدته وهو في صحة وعافية، عاد ليواصل مسيرة العطاء والنماء لهذا الوطن الذي جعله الله وطن الإسلام الأول، وجعله قِبْلة المسلمين ومأوى أفئدتهم، وبعودته تستبشر القلوب وتسر النفوس لما يعلمه الناس من الخير الممدود الذي يقدمه - حفظه الله - لهذا الوطن وأهله، وامتد خيره حتى وصل خارج البلاد.
إنَّ الفرحة لتعلو محيا كل مواطن بعد سماعه نبأ وصول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - سلمه الله، آمين - لأن النفوس تشتاق إليه وإلى زياراته والجلوس في مجلسه وسماع حديثه، فقد وهب أغلب وقته وجهده لخدمة هذا الوطن وأهله، وظهرت آثار ذلك الجهد والعمل واقعاً ملموساً يشهده القريب والبعيد.
الحمد لله حمد الشاكرين، فإن تعدد النعم وتكرار الآلاء مطلب لاستثارة النفوس لشكرها، والوفاء بحقها، ونحن في وطننا الغالي مملكة الحب والإنسانية والسلام المملكة العربية السعودية نعيش آلاء متعددة ونعماً متجددة.
وإننا لنستشعر عِظَم هذه النعم ونحن نرى الوحدة تتجسد في واقعنا بصورة لا نظير لها؛ فحكامنا الأوفياء وقادتنا الميامين يجعلون رضا الله غايتهم ومصلحة الوطن والمواطن من أبرز مسؤولياتهم وأولى أولوياتهم، والمواطنون يبادلونهم التقدير والمحبة والوفاء، ويرون أن ولايتهم نعمة، ووجودهم رحمة، وهذه مشاعر ومواقف تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم في كل آن، لكن تُظهرها مواقف الابتلاء ومواطن التمحيص، وهذا ما تجلى في أحلى صوره وأحسن مظهر معبر حينما مَنّ الله بعودة ملك الإنسانة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - سلمه الله، آمين - إلى أرض الوطن سالماً معافى، وحينما عاش الوطن فرحة غامرة وسعادة لا توصف على مستوى القيادة والشعب الوفي، فالحمد لله على هذه النعم.
وعندما قدر الله - سبحانه وتعالى ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه - أن يلم بالملك الغالي عبدالله بن عبدالعزيز منبع الشهامة والإباء الملك المحبوب - حفظه الله - طارئ صحي استلزم سفره - أيده الله - إلى الخارج، وأتم الله عليه نعمته بالصحة والعافية، ها هو الموقف يطل جلياً معبراً عن لحمة لا تنفك ووحدة لا تضعف ومحبة لا تنقضي؛ فالجميع كان ينتظر بلهف وشوق عودة فارس الوطن والملك المحنك بعد أن تجاوز هذا العارض ومَنّ الله عليه بالصحة والعافية، كيف لا تكون هذه المشاعر الفياضة تجاه الملك عبدالله - بارك الله في حياته ومسعاه - وهو القائد الشهم والطود الأشم والعَلَم الفذ والشخصية المميزة المباركة المؤثرة - حفظه الله وأبقاه ذخراً وفخراً - إنه ملك المبادئ والوفاء والمعاني التي يتسابق إليها الفضلاء ويتبارى فيها النبلاء، منحه الله وميزه بالفضائل، تلقى تلك المكرومات وورث تلك الخصال من مدرسة الملك المؤسس الإمام الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - لينهل من تلك التجربة الناضجة والشخصية الفريدة التي أجرى الله على يديه أعظم التحولات التاريخية في هذا الوطن الإسلامي؛ ليورث هذه المميزات والخلال أبناءه البررة وقادتنا الأوفياء الأماجد.
لذا لا غرر أن يمنحهم الله سبحانه وتعالى القبول في الأرض بيننا نحن المواطنين شعوراً بهذه النعم، التي عاشوها حقائق متجسدة في أرض الواقع، والملك عبدالله بن عبدالعزيز - أعزه الله - نال النصيب الأوفى والقدح المعلى في صفات عظيمة أهَّلته ليتصدر ويكون في قائمة العظماء، ومَنْ يقرأ تاريخ هذه الشخصية المباركة ويتشرف بلقاء ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز ويستمع إلى توجيهاته وينظر إلى مساهماته ومشاركاته يقف على مدرسة في العلم والسياسة والإدارة وأعمال الخير والعطاء والبذل في أوجه البر والإحسان.
فإن المليك المفدى عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ما إنْ وطئت قدماه أرض الوطن المعطاء حتى أطلق حزمة متنوعة من القرارات والإجراءات والتوجيهات التنموية البالغة الأهمية وبقيمة مائة مليار ريال سعودي تصب كلها في مصلحة أبناء الوطن السعودي العظيم، وتوزعت هذه القرارات التنموية العميقة الأثر والتأثير على مجالات مختلفة تهتم بشؤون فئات وطبقات مختلفة من أبناء الشعب السعودي، تلمسها وعالجها المليك الجليل - حفظه الله - من تثبيت بدل غلاء الأسعار بـ15 % في أصل الراتب وزيادة أرصدة بنك التسليف السعودي وإعفاء السجناء المعسرين والتسديد عنهم، وإعفاء قسطين من أقساط بنك التنمية العقاري، الذي يستفيد منه شرائح كبيرة من السعوديين، ورفع عدد الأسر المستفيدة من الضمان الاجتماعي إلى 15 فرداً في كل أسرة، وصرف إعانة مالية مؤقتة لمدة عام للشباب الذين لا يعملون، وتشكيل لجنة مختصة للعمل على توظيف الخريجين، وضم الطلاب الدارسين على حسابهم بالخارج إلى منحة خادم الحرمين للابتعاث الخارجي.
إن الأوامر الملكية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤخراً ما هي إلا امتداد لجهوده - يحفظه الله - في تعزيز قيم المواطنة لدى أفراد المجتمع السعودي، وتعزيز انتمائهم لمجتمعهم ورغبتهم الصادقة في خدمته، وتماسك المجتمع واستقراره؛ لتصبح المملكة أنموذجاً ومثالاً واقعياً رائداً للتلاحم بين القائد المحنك وشعبه الوفي المخلص لدينه ومليكه ووطنه.
لقد عمَّت أرجاء مملكتنا الغالية مشاعر السعادة والابتهاج بالأمس بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - إلى أرض الوطن بعد أن منَّ الله عليه الشفاء، وقد صاحب عودته - رعاه الله - العديد من البشائر التنموية التي ستسهم في زيادة رفاهية المواطن واستقرار ظروفه الاجتماعية والاقتصادية من خلال تعدد مصادر الدخل الفردي للمواطنين والرفع من معدلات نمو القروض والإعانات الحكومية، التي بالتأكيد ستعزز المستويات التنموية والاجتماعية والاقتصادية لأبناء الوطن، وغيرها من القرارات ذات التأثير الكبير اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً.
بارك الله في عمر وعمل خادم الحرمين الشريفين، وأمده الله بالصحة والعافية وطول العمر؛ ليستمر قائداً أبياً وعربياً ملهماً، يسهر على راحة وشؤون أمته العربية والإسلامية في كل الأوقات.
المدير العام للشؤون المالية والإدارية بالحرس الوطني