ما من شك في أن الأوامر الملكية الأخيرة، التي أعلن عنها تزامناً مع عودة خادم الحرمين الشريفين إلى البلاد، ستساهم في (حلحلة) كثير من المشاكل المعيشية التي يتعرض لها المواطن، وأهمها موضوع الإسكان. أعرف أن حل مثل هذه المشاكل لا يمكن أن يكون حلاً جذرياً، لكن مثل هذه الإجراءات ستضع هذه المشاكل التي تعالجها في الطريق الصحيح للحل، ليتسنى حلها في المحصلة. وسوف أتعرض في هذا المقال إلى نقطتين وجدت أن من واجبي ككاتب أن أطرحها على بساط البحث هنا، لها علاقة بهذه الأوامر.
النقطة الأولى تتعلق بالأمر الملكي الكريم بدعم رأسمال صندوق التنمية العقارية بمبلغ إضافي قدره 40 مليار ريال. الأمر الملكي الكريم الذي تعرض لهذه الجزئية، لم يتعرض إلى مبلغ القرض، والذي كان وما زال 300 ألف ريال في حده الأعلى؛ مثل هذا المبلغ لا يمكن أن يفي ولو بنصف تكاليف الإنشاء في ظل الأسعار السائدة اليوم، بينما كان قبل 30 سنة يُعتبر مبلغاً مجزياً حسب الأسعار السائدة آنذاك.. وكان مجلس الشورى قد أوصى في إحدى جلساته التي ناقشت هذه الجزئية، حسب ما نشر في الصحف قبل مدة، إلى ضرورة زيادة مبلغ القرض إلى 500 ألف سكن؛ وكلنا أمل في أن تراعى هذه النقطة الهامة والجوهرية، ويتم زيادة قيمة القرض بحيث يرتفع الحد الأعلى للقرض إلى ما يواكب أسعار الإنشاء السائدة الآن.
النقطة الثانية، وهي في تقديري في غاية الأهمية، أن هناك حاجة ملحة لإنشاء (هيئة ملكية للمتابعة)، يكون عملها (حصرا) متابعة تنفيذ الأوامر الملكية وكذلك السامية التي تتخذ من القمة السياسية في البلاد، بشكل دوري؛ بحيث تكون هذه الهيئة معنية بمتابعة هذه القرارات، ومخاطبة الجهات التنفيذية، وإصدار نشرة (معلنة) بشكل دوري (كل ثلاثة أشهر مثلاً)، توضح مصير هذه القرارات، وما تمّ بشأن تنفيذها، ليكون الأمر جلياً أمام صناع القرار (أولاً) وأمام المواطنين ثانياً حول مدى تنفيذ هذه القرارات على أرض الوقع. فهناك كثير من القرارات التي تتخذ من القمة السياسية غير أنها تتعرض إلى كثير من العقبات عند التنفيذ، إما بسبب تقاعس الجهة المعنية بالتنفيذ، أو بسبب بعض المشاكل الإجرائية التي تعيق وضع مثل هذه القرارات موضع التنفيذ؛ والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. خذ مثلاً شرط تملك المواطن للأرض عند تقديمه لطلب القرض إلى صندوق التنمية العقاري؛ فقد صدر أمر سامٍ يُعفي المواطن من هذا الشرط عند تقديم الطلب، وإمهاله إلى أن يعلن اسمه كمستحق للقرض. هذا القرار صدر منذ مدة، و(لم يفعل) حتى الآن، رغم أن وضعه موضع التفعيل لا يحتاج إلا إلى قرار من صندوق التنمية العقارية، ورغم ذلك أحيل إلى (الرف)، دون أن يكون هناك ما يستدعي (التجميد). فلو كان هناك جهة معنية، مرتبطة برئيس مجلس الوزراء مباشرة، و(تابعت) مثل هذا القرار، لما بقي طوال هذه المدة دون تنفيذ. وهناك كثير من القرارات التي ينسحب عليها ما ينسحب على مثل هذا القرار، سوف أتعرض إليها بالتفصيل في مقالات لاحقة.
تنويه: أود التوضيح أن اسمي قد ورد في أحد البيانات التي تعرضت لبعض القضايا الداخلية. وأؤكد هنا أن لا علاقة لي بهذا البيان، ولم يعرض عليّ، ولم أوقعه، ولم أعلم عنه شيئاً؛ فقد جرى إضافة اسمي إلى البيان كذباً وزوراً وبهتاناً. وهذا دليل واضح على أن آخرين مثلي جرت إضافة أسمائهم دون أن يكون لهم علم بذلك، وهذا دليل (إفلاس) وتدليس من قبل معدّيه والمروجين له؛ لذا وجب التنويه.
إلى اللقاء.