دائماً ما نسمع مسؤولي جامعاتنا يرددون بأن الطالب هو محور العملية التعليمية والأكاديمية بمعنى أن جميع ما تقوم به الجامعة يتمحور في النهاية حول خدمة الطالب ليحصل على كل ما يستحقه من عناية واهتمام.
فهل يحصل ذلك فعلاً؟
لنبدأ بالإسكان الطلابي وهو أحد متطلبات الطالب الجامعي ليتعلم العيش باستقلالية معتمداً على نفسه وليتمكن من مخالطة بقية الطلاب اجتماعياً وليس مجرد في قاعات الدرس. للأسف مشاريع إسكان الطلاب ليست الأولوية في مشاريعنا الجامعية سواء الجديدة أو القديمة، بل إن الجامعات القديمة قلصت فرص إسكان الطلاب بها بشكل كبير. وفي نفس الوقت نجد مشاريع إسكان أعضاء هيئة التدريس تحتل الأولوية لدى العديد من الجامعات تفوق حتى أولوية بناء المقرات والمراكز الأكاديمية. وكأننا بعضو هيئة التدريس هو محور العملية التعليمية وليس الطالب. ليس هناك استثناء في هذا الشأن فحتى الجامعة (المليارديه) ذات المشاريع الضخمة تعمل على توسعة مشاريع إسكان الأساتذة لكنها لم تضع ضمن خططها بناء مساكن للطالبات مجاور لمقرهن الجديد الذي يتم بناؤه، بل وربما حتى لم تترك مساحة كافية مجاورة لمقرهن الجديد لبناء تلك المساكن مستقبلاً بعد بناء مشاريع مختلفة بقرب منطقة مقر الطالبات الجديد.الطالب محور العملية التعليمية يعني أن نهتم بالقاعات الدراسية وأن نقلص عدد الشعب الدراسية وأن نهتم بالجوانب الأكاديمية.
مازالت القاعات الدراسية سيئة في بعض الجامعات والشعب ممتلئة بأعداد تفوق الأعداد المفترضة، بينما يتم بناء المعامل البحثية وصالات المؤتمرات ومقار الإدارات والتركيز على أبحاث الأساتذة بشكل يكاد يكون مبالغ فيه. ومرةً أخرى كأننا بعضو هيئة التدريس والإداري أصبح هو محور اهتمام الجامعة وليس الطالب.
الطالب محور العملية التعليمية يعني أن نوفر له الدعم لتطوير مهاراته وهواياته المتنوعة الرياضية والثقافية والاجتماعية والفنية والذاتية. ومرةً أخرى أصبح ما يصرف على تطوير أعضاء هيئة التدريس وما يقدم له من دورات تطويرية ونشاطات تنافسية ورحلات خارجية يفوق بكثير ما يقدم للطالب وكأن عضو هيئة التدريس هو محور العملية التعليمية وليس الطالب. ميزانية تطوير أعضاء هيئة لتدريس تفوق ميزانية شؤون الطلاب وما يقدم للطلاب يتم إما من (صندوقهم) أو بمبالغ يدفعها الطالب بعكس الأستاذ!
أين نحن من الجامعات العالمية؟ جامعة تورنتو ولأن إدارتها لم تكن راضية عن تصنيفها الثاني في إحدى السنوات قام مدير الجامعة بخلع بدلته الرسمية وقضى أسبوعاً كاملا يحضر الدروس مع الطلاب في القاعات ليتأكد من مناسبة تلك القاعات وليراقب عن كثب احتياجات الطلاب وكأنه طالب مثلهم. طبعاً الطلاب لا يعرفونه في الغالب لأن صوره لا تتصدر الإعلام يومياً ويرونه كمجرد طالب يحضر معهم مره أو مرتين ثم يغيب.أما في جامعة مونتريال فكان أول قرار اتخذته نائبة مدير الجامعة الجديدة في إحدى السنوات هو توفير دراجات هوائية عن طريق الإيجار أو الاستعارة للطلاب بالجامعة لأنها تعتقد أنهم يعانون في تنقلاتهم ولابد من دعمهم حتى في المسائل الصغيرة مثل استخدام الدراجة الهوائية.أخشى أن الطلاب لم يعودوا محور العملية الأكاديمية والتعليمية بجامعاتنا، ولو كانت لدى طلابنا خيارات لهجروا جامعاتنا وتركوها جامعات خاصة بأعضاء هيئة التدريس يسعون للنشر العالمي الذي يرونه أهم من تطوير مخرجاتهم الأكاديمية وأهم من طلابهم اللذين لأجلهم افتتحت الجامعة ولأجلهم يتم التعاقد مع أعضاء هيئة التدريس.