أظهرت الاحتجاجات الأخيرة التي تشهدها بعض الدول العربية وإيران أن الظلم والفساد والتقوقع ضمن إطار فكري أيديولوجي منغلق لا يمكن أن يدوم طويلاً، وأن الشعوب لا تفوِّت أي فرصة للانعتاق من حكم هذه الدوائر المغلقة، وهي وإن صبرت طويلاً أو قليلاً فإنها حتماً لا يمكن أن تظل طويلاً مستكينة.
والمتغير الجيد في الحالة العربية أن التغيرات الأخيرة التي حدثت في تونس وفي مصر وفي طريقها للتحقيق في ليبيا، أنها تمت بأدوات محلية شعبية، إرادة حرة انبثقت من الداخل دون أن تكون موجهة من جهات أجنبية ليس بالضرورة تخدم مصالح البلد الساعي شعبه للتغيير بقدر ما تخدم مصالح الأجنبي.
التغيير الذي تحقق بإرادة شعبية صرفة كما في تونس ومصر، والذي يجري في ليبيا، يؤسس لحركة عربية تنظف ما علق ب(الكفاح والنضال) العربيين المعتمدين على التدخل الأجنبي الذي يستبدل حكماً وطنياً مستبداً بحكم مستورد تبعي يعمل بتنفيذ أجندة ومخططات الأجنبي الذي ساعده في الاستيلاء على السلطة، ومن خلال تحالفات تتوافق مع طبيعة من رهنوا إرادة شعبهم للأجنبي يتم استنساخ سلطة أخرى لا تقل تسلطاً وتعنتاً وأكثر فساداً، وذلك من خلال العودة للماضي في تحالف ظاهر من خلال إحياء النعرات الطائفية والعنصرية.
ولقد أظهرت تجربة العراق وبعد ثماني سنوات أن الاستعانة بالأجنبي والتحالف مع المرجعيات الطائفية والاستعانة بالأحزاب الطائفية والعرقية، لا يحقق التغيير الأفضل، بل يولِّد نظاماً أكثر فساداً وتدميراً لآمال وطموحات الشعوب، وإن غُلِّف بغلاف الديمقراطية، التي لا تعدو عن كونها غطاء زائفاً يخفي تحته أطناناً من الممارسات القمعية والفساد كما هو حاصل في العراق الذي يسعى شعبه من خلال الاحتجاجات إلى إحداث الإصلاح الذي لا يمكن أن يتم من خلال المنظومة الحاكمة، فهذا الشعب في طريقه إلى الانضمام إلى الشعوب التي تتظاهر داعية إلى التغيير.