لم تعد أرامكو شركة تهتم باكتشاف واستخراج البترول وتكريره وتصديره. ولم تعد أرامكو مختصة فقط بأبحاث البترول وعلومه. ولم تعد أرامكو مجرد رمز للجودة ومجرد ملهم ومثل يُحتذى للأجيال القادمة. بل لقد أصبحت أرامكو مطوراً ومقاولاً ومشرفاً علىكثير من المشاريع الإستراتيجية في المملكة. أرامكو سعودية يقودها سعوديون ويعمل بها سعوديون، فلِم نجحت أرامكو نجاحا قد تجاوز الحدود الإقليمية، بينما فشلت كثير من منظمات المجتمع الاقتصادية والحكومية حتى أصبحت أرامكو تقوم بمهامهم.
عاش موظفو أرامكو في مجمعات معزولة عن باقي المجتمع السعودي. نظام هذه المجتمعات أكثره مستورد من الغرب. في تلك المجمعات تعمل المرأة وتقود سيارتها ويدرس الأبناء والبنات المناهج التعليمية المتطورة. وفي مجمعات أرامكو تقام الصلاة جماعة طواعية وتنتشر الابتسامات على الوجوه، وتحترم جميع القوانين والأنظمة. ساكنو تلك المجمعات من موظفي أرامكو والموظفات هم من أرقى الناس خلقا ومن أحرصهم أمانة ومن ألطفهم معشرا ومن أصدقهم حديثا. هذه البيئة في تلك المجمعات هي بيئة تغريبية على حد تعريف سُذجنا ومرجفينا من أصنام العصور الحجرية الذين يجدون في الجهل والتجهيل والفوضى وضياع الأمانة بغيتهم في السيطرة على عقول أتباعهم وضمان ولاءاتهم.
دعونا نتحدث صراحة فقد مللنا التنظير والأطروحات، ولنصدق الله ونصدق أنفسنا وبلادنا وأحفادنا. هذه ظاهرة أرامكو وهذه ظاهرة الصحوة أمامنا في تجربة حقيقية شاملة لجميع أفرادها تحت مجهر التاريخ.
هذا مجتمع ارامكو في العمل وخارج العمل، وهذا باقي المجتمع السعودي الذي ربته الصحوة في العمل وخارج العمل. ماذا فعلت أرامكو المتغربة (على حد زعم المرجفين) بمجتمعها، وماذا فعلت الصحوة بمجتمعها. الصحوة أخرجت الإرهاب وأرامكو أخرجت قادة العلم والإدارة والاقتصاد. الصحوة صنعت قنابل الدمار، وأرامكو صنعت الحاضر المشرف والمستقبل المشرق. الصحوة نخرت في المجتمع المدني وأفقدته النظام والأمانة والصدق باتهامها للنيات وتشكيكها في أعراض المسلمين وتركيزها على النزاعات الصورية وإشغال الناس فيما لا فائدة منه، وأرامكو زرعت حب الوطن والإخلاص في العمل والالتزام بالنظام في أفراد مجتمعها. ما مثل فلسفة الصحوة وآثارها وفلسفة أرامكو وآثارها إلا كمثل طالبان وسنغافورة.
المجتمع المدني لا يتجزأ. فليس هناك صدق في العمل وكذب في المجالس. وليس هناك التزام بالنظام في العمل وفوضى خارجه. وليس هناك خلق حسن داخل العمل وخلق سيئ خارجه. لا يصبح الشخص شخصين في واحد إلا إذا كان منافقا. وإن مما سكت عنه أننا ندعو إلى النفاق في كثيرمن مجالات الحياة. في أعمالنا، فمال الدولة منتهك والمال الخاص محترم. وفي اقتصادنا فنحن نشرع بالدين الكذب والاحتيال. وفي ديننا فهناك فتاوى الخاصة وفتاوى العامة. لذا فنحن دائما ما نكون شخصين في شخص، بينما أرامكو "المتغربة" لها ثقافة صدق واضحة وبينة، فموظف أرامكو هو دائما شخص واحد في عمله وفي مجتمعه، لذا نجحت أرامكو ولم يعد في ها البلد إلا ها الولد.