الإعلام العربي بكل أنماطه وصوره الورقية والمرئية والسمعية في حرج.. وحرج بالغ؛ فهذا الإعلام الذي أنشئ وتربى في حضن الأنظمة والحكومات التي كانت تسطير عليه وتوجهه وتغذيه، بما فيه الإعلام الخاص الذي نما في السنوات الأخيرة من صحف خاصة ومحطات فضائية وإذاعات، دخل في بيت الطاعة، وحتى الإعلام الذي حاول أن يُقدِّم أسلوباً جديداً يعتمد على الإثارة بخلطة ريدكالية كان يلتزم بخطوط حمراء أقلها عدم الاقتراب من جهات التمويل ومَنْ يصرف عليه ويوجهه لخدمة أهداف سياسية لم تعد غائبة عن بصيرة المتلقي.
في الماضي كان المتلقي العربي يعتمد ويتوجه للإعلام الموجَّه من خارج حدود الوطن العربي، الذي كان يبث بلسان عربي، حتى أصبحت الإذاعة البريطانية ومن بعدها محطة التلفزيون ال بي.بي.سي أكثر إقناعاً ومشاهدة من باقي المحطات العربية. وبعد إنشاء (الجزيرة) ثم (العربية) انقسم المشاهدون في مشاهدتهم لتلك المحطتين مع قدرتهم على التمييز والفرز فيما يُقدَّم إليهم وما تحاول الرسالة الإعلامية تقديمه للمتلقي، فيما واصلت المحطات العربية الحكومية والإعلام الورقي والسمعي النهج نفسه في تلميع ومتابعة من ذهب ومن عاد، وابتعدت عما يهتم به المشاهد والقارئ والمستمع؛ ليحدث الزلزال، وتبدأ الانهيارات؛ ليختل توازن الإعلام العربي والعاملين في هذا الحقل؛ فاضطر مَنْ يعمل به ممن تعرضت بلدانهم للتغيير إلى الاتجاه 180 درجة عكس ما كانوا عليه، حتى أطلق عليهم بالمتحولين؛ حيث أخذوا يكيلون المديح للوضع الجديد بالدرجة والحرارة نفسيهما اللتين كانوا يمدحون بهما النظام الساقط؛ وهذا ما أضاف سقوطاً آخر للإعلام العربي، ونزع ما تبقى من مصداقية أو ما حاولت منظومة الإعلام العربي بناءه من خلال إنشاء المحطات الخاصة والمؤسسات الإعلامية غير المرتبطة بالحكومة.
حيرة يقع فيها كل مَنْ خالف ضميره وأجَّر فكره وقلمه لأنظمة لا تقوم بدورها في خدمة شعوبها.
JAZPING: 9999