تعاملت جريدة «الجزيرة» بكل مهنية مع تجمهر عمال مركز الملك عبدالله المالي، الذين طالبوا الشركة المنفذة للمشروع بتحسين أوضاعهم المالية والمعيشية. ولقد أبدى البعض استغرابه لمبدأ نشر صحيفة محلية لمثل هذا الخبر، لكون وسائل إعلامنا لم تعتد على ذكر، ولو إشارة لمثل هذه التحركات. إلا إنني لم استغرب كثيراً، لمعرفتي بأن إعلامنا بدأ يتفهم أنه ليس الوحيد على خارطة النشر، وإنه إن لم ينشر الخبر، فإن أحداً آخر سينشره، ولكن بطريقة انتهازية.
لقد حدث أن تجمهر بعض الخريجين، تجمهراً حضارياً أمام وزارة التربية والتعليم، مطالبين ببعض الحقوق، وتم استقبالهم من قبل المسؤولين في الوزارة، وقامت الجزيرة، بنشر هذا التجمهر، ولم يحاول أحد أن يستغله أو يضعه في غير مكانه الذي كان فيه. وصدقوني، لو لم تنشر الجريدة عنه، لأثار ذلك شهية بعض المصادر الإخبارية، التي تترصد لنا وتنتظر أية فرصة سانحة، لدق خناجرها المسمومة في صدرونا وأمام أعيننا.
لقد دخل العالم مرحلة جديدة من مرحلة التعاطي مع الأنباء، فما تخفيه دائرة ما، تجده بعد لحظات على مواقع تبادل المعلومات المحمية من الحجب. ولن يكون لائقاً بالدائرة أن تنفي وقوع حدث ما، ثم يشاهده العالم بعدئذ، وبكل التفاصيل المحكية والمصورة، في الشبكة المفتوحة على مدار الساعة، داخل أجهزة الاتصالات التي يحملها الصغار قبل الكبار، أينما ذهبوا.