|
جدة - غادة محمد :
طالما كان المشاهير ورقة رابحة في يد الجهات الداعية إلى العمل التطوعي، لما لهم من قدرة في التأثير على قطاعات عريضة من المواطنين .
وفي الوقت الذي ينبري فيه بعض هؤلاء للتطوع من دون مقابل، نجد بعضهم يتوقع مقابلاً لما يقوم به من جهد يفترض أنه تطوعي، أيضاً بعض هؤلاء فاعل ومؤثر، وبعضهم لا فائدة تذكر من وراء حضوره.
سذاجة
سفير منظمة اليونيسيف لدول الخليج الفنان السعودي فايز المالكي وصف الشخص الذي يطلب مقابلاً لأجل العمل التطوعي بأنه شخص «ساذج» لا يعي أهمية العمل التطوعي الذي لا يقدر بمال؛ كونه عملاً خالصاً بين الفرد وربه، وأبدى استعداده التام للمشاركة التطوعية في القضايا الهادفة قائلاً: «أنا تحت أمركم بأي وقت ولا مانع لدي من التواجد والدعم» .
بين الخفاء والعلن
و انتقدت رئيسة جمعية الأمير ماجد بن عبدالعزيز التطوعية رشا حفظي مشاهير (الغفلات) الذين يحضرون لمجرد التفقد وليس للمساهمة في العمل بأي شكل، مادياً كان أو عملياً، مؤكدة أن العمل التطوعي إن كان في الخفاء وغير معلن لا يعتبر عملاً تطوعياً خاصة إذا تمت الإشارة إلى أن الفنان تبرع بالغناء أو التمثيل في الحفل أو تبرع مادياً بمبلغ وقدره على السبيل، لأن هذا يعتبر نوعاً من التدليس .
لا بأس
الكاتب عبد العزيز السويد تحدث قائلا: «العمل التطوعي أساسه من طوع، وهو نقيض الكره والأعمال التطوعية ينضم لها الإنسان طائعا مختارا لنوازع داخلية بل برضا داخلي ذاتي يتذوق طعمه في داخل نفسه ، فمن الأجدر أن الالتزام بها لا يرتبط بعائد مادي أو حتى معنوي يتلقفه من الخارج، لكن لو افترضنا أن هناك مبالغ مادية قدمت لي حينها فسأقول «حسب» إذا كانت الجهة المنظمة قادرة ولا تعتمد على التبرعات والهبات حينها سأقرر فربما أعيدها «للمضمون» بصورة أو بأخرى .
الكاتب جمال بنون أبعد عنه صفة الشخصية المشهورة التي يبحث عنها المنظمون وقال: لم يحدث أن طالبت بمبالغ مادية للمشاركة في أي مناسبة اجتماعية تطوعية أو حتى لقاء تلفزيوني، إلا أنني أؤمن بأنه يجب أن تدفع مكافآت مالية لاستقطاب نجوم أو مشاهير .
السعودي عمرو آل شيخ صاحب ماركة عالمية أوضح أن الطلب مقابل الحضور أمر شرعي كون الموضوع عرض وطلب فهناك أشخاص لا يطلبون أي مبالغ مقابل مشاركتهم فلنبرر للذين يأخذون لأن مشاريعهم وحياتهم مرتبطة بما يتقاضونه لكن لا يجب أن يبرز مشاركتهم .
أيضاً السعودي عبد الرحمن القريشي أصغر مدرب تنمية ذاتية ومهارة في العالم خالفه الرأي والمنطق فلم يمانع من القبض في حال قدم له لكنه أوضح بأنه يطلب حقه عند المشاركة أو الظهور بأعمال نفعية لها مكاسب مادية كونه بنظره يحترف التدريب و تقديم المحاضرات التدريبية، أما في المناسبات التطوعية و مع الجمعيات الخيرية فلها شروط بنظره منها أن تكون داخل المدينة التي تقام بها الفعالية ويشارك معهم مجانا بل ويقدم لهم الدعم .
كما أبدت الناشطة في حقوق المرأة السعودية هيفاء الخالد استغرابها من الهجوم الذي تتعرض له أو يتعرض له المشارك في فعالية ما أو في حلقة تلفزيونية في حال طالب بحقه المادي رافضة أثناء حديثها ل»صحف» أن تستهين بالطلب بالحق المادي.
لكل مقام مقال
الكاتب خالد الدخيل يتحدث عن رأيه بمن يتقاضى من المشاهير والشخصيات التي لها عدد من المتابعين والمعجبين قال: قد يرى البعض أنها حرية شخصية خاصة لبعض المشاهير الأكثر شهرة، ولكن هناك فرق بين كلمة «خيري» كونها دعما وليست ربحاً وبين التسويق الشخصي فلكل مقام مقال .
عبد العزيز القاسم رئيس تحرير مجلة رؤى ومقدم برامج قال: لست من الذين يشترطون المبلغ المالي للمشاركة، لكن في حال قرر المنظمون تكريمي بظرف فيه مبلغ مالي بالطبع أقبله ولا أرفضه .
فيما أوضح معد البرامج الكويتي نايف البشايرة أن مسألة المال تحسب حسب العمل المطلوب منه القيام به والذي يكون مبنياً على اتفاق سابق بين الطرفين ففي حال كان العمل تطوعيا ولصالح جهة خيرية فلن يقبل التقاضي لكن في حال كان العمل مبنيا على أساس ربحي في باطنه فهذا أمر مختلف والمطالبة بالمال حق مشروع .
أما الإعلامي السعودي أحمد السهيمي فنفى أن يكون من الذين لا يأتون إلا بمقابل ولا يشاركون إلا بمبلغ وقدره إلا في حال دعي للسفر لمكان أخر فعند ذلك تتكفل الجهة بمخاطبة عمله والتنسيق معهم بخصوص النقل والإقامة لكن فيما عدا ذلك لا .
الإعلامي صبري باجسير تحفظ قليلاً قبل الإجابة ومن ثم قال: لن أحاول أن أظهر في إجابتي بالرجل المثالي ولكن لا أجد نفسي أبدا في موقف اشترط فيه أو أقبل أجرا وأنا أعمل ضمن مجموعة تطوعية تقدم جانبًا إنسانيًّا وجميلاً، لكن لو نظرنا بواقعية لهذا الأمر لما استطعنا الجزم بأنه سلوك منافٍ للأخلاق مثلا أو للقيمة الإنسانية لأن هناك من يرى بأن وقته ثمين جدا وظهوره يحمل قيمة معنوية أو جماهيرية عالية تعود على الحدث بإيجابية ولذلك قد يشترط المقابل المادي وهذا من حقه لأن عملا من هذا النوع لا يأتي بالمجاملات إذا لم تكن راغبا في تقديم هذا العمل لوجه الله فليس من الخطأ أن تطلب المقابل .
رافضون
وأبعد رجل الأعمال والمجتمع الدكتور عبد الله بن محفوظ تهمة القبض قبل العطاء أو بعدها عنه قائلاً: لم أطلب مبالغ نقدية مقابل لقاء أجريه أو مساهمة إعلامية أقوم بها، لأنني أعتبر الجهة الإعلامية هي صاحبة الفضل علي لأنها جعلتني أشارك المجتمع المدني اهتماماته من خلالها، أما عن الاجتهاد في التحضير والعمق في الطرح بناء على الخبرة المتراكمة، فإنني أعتبرها إن شاء الله علما نافعا أشارك به مجتمعي وأحتسب أجره عند الله . أيضاً مستشار تطوير أعمال وتسويق بعض شركات السفن البحرية الدكتور خالد الغامدي أكد أن القبض مقابل التطوع مرفوض بالنسبة إليه إلا في حال قدم له بلا طلب وأوضح بأنه في هذه الحالة سيجيرها لصالح النشاط الخيري الذي عملت لأجله .
فريال المصري التي تعد أول سعودية تقتحم الأوساط السياسية الأمريكية وترشح لعدة مناصب قيادية في أمريكا أوضحت في حديثها ل»صحف» أنها لا تحرص على الظهور في المناسبات إنسانية كانت أو اجتماعية وحول ذلك قالت: المشاركة فيها أمر يشرفني لأني سأكون عضوا فعالا حينها، وإن حدث وقدم لي مبلغ ما فسأقبله وسأتبرع به لأني قمت بعمل خيري وليس ربحياً .
«أوليس العمل التطوعي عملاً غير ربحي لا يقدم نظير أجر معلوم؟» بهذه الاستفهامات بدأ الأكاديمي السعودي سعود الكاتب حديثه، وأضاف: العمل التطوعي عمل غير وظيفي يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين في المجتمعات البشرية بصفة مطلقة فالمشاركات المتعددة الطرق والأشكال تبقى تحت مظلة العمل التطوعي .
السعودية مرام كردي التي تعتبر أصغر مدربة تنمية مهارات ذاتية في الخليج أكدت أنها كمدربة متخصصة في تقديم البرامج التدريبية المتخصصة في التنمية البشرية والتطوير الذاتي وعلوم الإدارة لا تطالب الجهات الخيرية البحتة والتي لا تهدف للربح أية مبالغ مادية لأن رسالتها تكمن في نقل العلم والمهارة لمحتاجيها من البشر .
وأبدى المهندس السعودي عبد الله سعد استياءه مما يحدث اليوم من كون المجتمع بأكمله بنظره لا يدعم التطوع ولا يعي ماهيته أو أساليبه مطالباً بتكثيف حملة التثقيف التطوعي .
وأيده الرأي المهندس السعودي فائق خياط الذي أكد أن له العديد من المشاركات التطوعية التي لم يرجُ من ورائها مالاً .
كذلك رفضت خلود الفهد الناشطة السعودية في حقوق المرأة فكرة الأخذ مقابل التطوع قطعياً ، وأوضحت أن الأعمال التطوعية تحتاج إلى اهتمام وتدريب وتنظيم أكبر خصوصاً وأن ثقافة العمل التطوعي بدأت تصل إلى كافة شرائح المجتمع .
وقد استهجن الفوتوغرافيون سياسة الأخذ دون مقابل خاصة إن كان الفوتوغرافي سيقدم صوراً توثيقية فأبدى المصور السعودي بدر الفهيد أسفه قائلاً: كثير منا وللأسف يعتمد في مجاله على استغلال هذه المناسبات ولكن لا يمكن لي أن (أحتكر) ما أملكه أو أعلمه بمقابل فنحن لم نتعلم من تلقاء أنفسنا كوننا نتاج تجارب سابقة حتى وإن أضفنا عليها من تجاربنا الشخصية إلا أن توثيقها واجب ومازلنا في طور التوثيق الاجتماعي أكثر منه المادي وبالتالي سنكون سعداء لو قدمناه لغيرنا من باب ( يوزع مجاناً ولا يباع).
أما المصورة اللبنانية حياة حفنة فرفضت فكرة استغلال الأعمال الخيرية من قبل المشاهير والشخصيات لأغراض مالية شخصية رافضة بشكل مطلق أن تأخذ مبلغا مقابل مشاركتها في أي مناسبة تحمل الطابع الخيري طالما قبلت وتطوعت بمحض إرادتها .
كما ترى التشكيلية السعودية ربى توفيق والنحات نبيل طاهر أن الفن رسالة وأوضحا أن من يتقاضى على أي عمل خيري يقدمه من باب المتاجرة والربح لا يستحق لقب فنان .
وأبدى الشاعر العراقي كريم العراقي ترحيبه الكبير بالمشاركة بلا مقابل في مناسبات وفعاليات خيرية بحتة وليست ربحية في باطنها فقال: صحيح أنني من الأشخاص الذين يعيشون على ما يكتبون لكن هذا لا يمنعني نهائياً من المشاركة بلا مقابل .
واستحقر الشاعر السعودي قبلان السويدي أثناء حديثه مع «صحف» الذين يأخذون المال بلا وجه حق ويظهرون برداء التطوع فقال: لا أحترم من يلبس ثوباً ليس ثوبه ولا أثق بمنظمين يدفعون لمشاهير وشخصيات مؤثرة لأجل استقطاب الأفراد لإنجاح الفعالية . ورأى الشاعر السعودي حلمي القرشي أن من يشترط مبالغ معينة لأجل البقاء في مقر الفعالية لعدد من الساعات التي تحدد مسبقاً قد خسر خسراناً مبينا .
واستبعد عبد الله عون إعلامي سعودي فكرة أن يتقاضى يوما مبلغا أثناء أدائه لمهمته الإعلامية مؤكداً أن هناك أسماء كثيرة إعلاميين أو فنانين أو لاعبي كرة أو مشاهير في أمور أخرى يطلبون مبالغ مالية لحضورهم .
كذلك الصحفية السعودية زهرة الخالدي قالت: لن أجامل أحداً أياً من كان في عملي فكيف حين يكون هذا العمل خاصاً بي وحدي هل سأشوهه وأطلب مقابلاً أو أقبل هدايا من أحد؟ بالطبع لا .
أما معدة البرامج التلفزيونية السعودية هدى الحكمي فاستغربت وبشدة ممن يأخذ مقابل عمل خالص لوجه الله لا يرجو من ورائه إلا الأجر. الإعلامي السعودي محمد العمرو أكد أنه دعي لعدد كبير من المناسبات الخيرية البحتة ويرى أن المشاركة في النهاية تصب في صالحه كفائدة اجتماعية فمن خلال تلك الفعاليات أتعرف على شخصيات جديدة تعزز من علاقتي بالمجتمع، ويؤسفني أن أسقط من يتقاضى أي مبلغ مالي إزاء مشاركته من قائمتي وحساباتي في الوقت الذي يرى البعض أنها حرية شخصية خاصة لبعض المشاهير الأكثر شهرة .
الصحفي الفلسطيني إبراهيم عمر بدأ حديثه قائلاً: قال الله تعالى: {وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ومن ذا الذي يضيع هذا الأجر ويطلب مقابل؟ فلا تطوع بقبض مالي لكن في حال ابتعد عن إطار العمل التطوعي و تحول «المشروع التطوعي» إلى استثماري سأقبل المقابل .
المذيع السعودي محمد القناص رفض التعميم أو حتى جعل أغلب المشاهير ممن يأخذون لأجل المشاركة في هكذا أعمال غير مستبعد وجود من يسيؤون لعالم التطوع الإنساني إلا أنه أكد أن ندرتهم لا تدل إلا على عدم أهميتهم وقيمتهم وعن (شرهات) المنظمين للمشاركين أكد بأن قبول الضيف لتلك الشرهة لن يكون أمرا صحيا على الإطلاق ومن يطلب أو يأخذ في أعمال تعتبر ذات طابع إنساني فإنه يستغل مجتمعا بأكمله الذي قدم له الشهرة على طبق من ذهب .