التربية والتنمية صنوان في مجتمع المعرفة، واقتصاد قائم على المعرفة يعني اقتصاداً قائماً على التعليم، وذلك نظراً إلى كون العنصر البشري يعد أهم مقوماته.
فإذا كانت المعرفة هي محرك مجتمع المعرفة، فالتعليم هو وقودها، وإذا كانت التقنية هي الآلة الجديدة لعدم المساواة الاجتماعية، فالتعليم - في المقابل - هو أعظم الوسائل لتحقيق هذه المساواة.
لقد أصبح التعلم من المهد إلى اللحد، وما كان لهذا الشعار أن يتحقق لولا ما أنعم الله عز وجل به علينا من توافر تقنية المعلومات والاتصالات، وخاصة الإنترنت من فضاء تعلمي يتيح العديد من فرص مواصلة التعليم أمام الجميع: من ممارسة الهوايات وتحصيل المعلومات العامة إلى اكتساب المهارات الدقيقة والمعارف العميقة.
وكثر الحديث عن الجامعات المفتوحة وجامعات الهواء الطلق وجامعات بلا جدران ومدارس بلا أسوار وجامعات شعبية وجامعات عمالية وصناعية وجامعات العمر الثالث ومراكز المعرفة الريفية ومشروعات المدن والقرى المتعلمة وجامعات وفصول خائلية وشبكات تعيلم وتدريب من بُعد وخطط وطنية لمحو الأمية ونشر الثقافة التقنية.
جاء في كتاب بعنوان (الفجوة الرقمية) ل د. نبيل علي ود. نادية حجازي: لقد أصبح التعليم الشغل الشاغل للجميع، دول وتكتلات إقليمية ومنظمات دولية، بل مؤسسات تجارية وإعلامية أيضاً وهو شاغل الكبار حفاظاً على الريادة والتنافسية، وشاغل الصغار أملاً في اللحاق.
إن هناك جهوداً متعددة في الوطن العربي لتعليم الكبار والتعليم المستمر منها: الجامعات المفتوحة، ومراكز خدمة المجتمع، وبرامج محو الأمية الأبجدية وتعليم الكبار، وبرامج محو أمية الحاسوب والثقافة الجماهيرية، والتعليم من بُعد، والجامعات العمالية، والجامعة الخائلية، وهناك عدد كبير من مراكز التدريب المهني تقوم به مؤسسات تجارية وإعلامية.
وعلى المستوى الوطني هناك عدة جهود تقوم بها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، منها: مشروع الشبكة العربية للتعليم المفتوح الذي وضع نظامه الداخلي، وقد أطلقت المنظمة برنامجاً وطنياً لنشر الثقافة التعليمية والتقنية. إن النقلة من التعليم إلى التعلم ثورة بكل المقاييس وعلى جميع الجبهات، تنطلق من الفرد المتعلم الذي أصبح من واجبه أن يواصل تعليمه ومن واجب الحكومة والمؤسسات والجماعات أن توفر له بيئة اجتماعية زاخرة لفرص التعلم، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن تصبح هذه الحكومات والمؤسسات والجماعات هي الأخرى كائنات متعلمة. خلاصة القول إن تعلم عصر المعلومات سيتجاوز أسوار المدارس ليتحول العالم على اتساعه فصلاً، وذلك بفضل تقنية المعلومات والاتصالات التي تنقل إلى المدرسة واقع ما يجري خارجها.
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية