إدانة التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لمختلف الأقطار العربية, ومحاولة توجيه النظام السياسي العربي, كان من أبرز نقاط البيان الختامي لمؤتمر «اتحاد البرلمان العربي» السابع عشر، الذي عُقد - قبل أيام - في الدوحة. فالتدخلات الأجنبية، تريد تطبيق نموذجها الديمقراطي، وتعميمه على دول منطقة الشرق الأوسط على شكل إيديولوجيات، وبذرائع غير شرعية، - سواء - كانت متنوعة الأشكال، أو الأساليب؛ ليكون تعميم هذا النموذج الديمقراطي - في نهاية المطاف - مطية؛ للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو من أجل خدمة أغراض سياسية، من جهة؛ ولتبرير التدخل الأجنبي في دول المنطقة عن طريق العمل العسكري، والعدوان، والاحتلال، ونهب خيرات البلدان، من جهة أخرى.
وقد تكون حماية الأقليات الموجودة في تلك الدول، ذريعة أجنبية - أيضاً -؛ للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، تحت شعار: «حماية الأقليات». - ولذا - فإن الالتفات إلى هذا الملف، يُعد أمراً في غاية الأهمية، بعيداً عن أي مزايدات؛ من أجل تحقيق مكاسب سياسية فئوية، أو طائفية، أو حزبية، وذلك عن طريق تفعيل الحوار، وترسيخ قيم المواطنة، وترقية حقوق الإنسان، وإفساح المجال للمجتمع المدني، ووضع إستراتيجية عامة تعزز التسامح، وتنبذ التعصب.
إن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، يُشكِّل - بلا شك - عاملاً من عوامل انعدام الأمن، والاستقرار. وسيزج بتلك البلدان في أتون الحروب، والفوضى. ومن ثم، فإن التأكيد على رفض أي تدخُّل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية، والبُعد عن المزايدات، والشعارات المضرة لأمن واستقرار العالم العربي والإسلامي، تحت أي ذريعة من الذرائع، مطلب مهم. فلكل دولة الحق في أن تسن ما تراه مناسباً من قوانين، وفق المصلحة العامة؛ لحماية أمنها الوطني، وتماسكها الاجتماعي.
بقي أن أقول: إذا كانت شعارات الديمقراطية، وحقوق الإنسان من القضايا الإنسانية العامة، التي يجوز للغير أن يتدخل فيها - كما يزعمون -، فأين حقوق الإنسان، وشعارات الديمقراطية مما يحدث في بلاد أفغانستان، وفي بلاد الرافدين من احتلال همجي بغيض، شنَّته الولايات المتحدة الأمريكية بتحالف صهيوني همجي؟. وأين هي مما يحدث في معتقل «جوانتانامو»، دون توجيه اتهامات محددة للمعتقلين، أو محاكمتهم بشكل علني؟. وأين هي تلك الشعارات والحقوق من الاحتلال الصهيوني في حصاره غزة؛ لمصادرة المزيد من الأراضي، وبناء المستوطنات، وهدم البيوت، والاعتقال، والاغتيال، - إضافة - إلى محاربة المقاومة الفلسطينية، ومحاولة إسقاطها؟.