اطلعت على تغطية جريدة الجزيرة الغراء لفقيد الوطن الشيخ صالح بن عبدالعزيز الراجحي الذي أخذته يد المنون بعد معاناة مع المرض الذي ألزمه السرير الأبيض في التاسع من الشهر الثالث: سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة، عن عمر يناهز ثمانية وثمانين عاماً، وأديت صلاة الجنازة على روحه الطاهرة بمدينة الرياض، وشيعه جموع غفيرة الذين حضروا من مختلف المناطق، فقدنا علماً من أعلام بلادنا البارزين الذين قدموا خدمات لأبناء بلادهم؛ بدأت حياته العلمية والمالية وعمره ثلاثة عشر سنة يتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، ودخل دنيا المال بفرش بساط حصير في رصيف ميدان الصفاة لبيع وشراء العملة المعدنية إلى أن افتتح سنة ست وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة دكانا من الحجر والتبن والطين، ووصل لمئات الفروع في البلدان العربية والإسلامية والعالمية، وترك ثروة عظيمة من الصعب حصرها؛ إذ وصلت المليارات من الريالات وظفت آلاف العاملين في دنيا المال والأعمال من المواطنين والوافدين. كما أنه ساهم في تأسيس العشرات من الشركات والمئات من المؤسسات الوطنية في المدن والمحافظات والمراكز، وامتدت يد مساعداته الإنسانية داخل بلادنا والبلدان العربية والإسلامية والعالمية، وأسس أوقافا بلغ ريعها لأكثر من أربعمائة مليون ريال أنفقت لأعمال البر لبناء وترميم المساجد وطباعة الكتب العلمية، ونسخ الأشرطة الإسلامية، وإنشاء المجمعات التعليمية لتحفيظ القرآن الكريم، وبناء المراكز التأهيلية الشاملة للمعاقين، وتأسيس المراكز الصحية والإسعافية، وتقديم الأجهزة الطبية والتعويضية، واستضافة الحجاج من الداخل، ومساعدة المقبلين على الزواج، وتوزيع التمور وإفطار الصائمين، وتقديم وجبات السحور في الحرمين الشريفين، وقضاء ديون المعسرين من المسجونين، ورعاية أسرهم، ومساعدة الأسر الفلسطينية في غزة، والمتضررين من سيول جدة وأندونيسيا وباكستان، وساهم في نمو الاقتصاد المحلي والإقليمي والعالمي، ورأس مجالس عشرات الشركات الوطنية كشركة إسمنت اليمامة، وإسمنت الجنوب، والخزف السعودي، وشركات نادك وحائل، وتبوك، ورأس شركة الراجحي المصرفية، ومن المؤسسين للغرف التجارية الصناعية، وعضو شركة كهرباء المنطقة الوسطى.
هذا وتعازينا لأبنائه، وبناته، وزوجاته، وإخوانه، ولأبناء مسقط رأسه الذين فقدوا ابناً باراً من الذين قدّموا خدمات دينية، ووطنية، وإنسانية ممن الصعب حصرها؛ إذ تتحدث عن نفسها في مختلف المدن، والمحافظات، والمراكز، هنيئاً لمسقط رأسه التي أنجبت مواطنا بارا بذل مئات الملايين وصلت الفقراء والأرامل والمساكين، ونِعْمَ مواطن صالح خلف مآثر خالدة في ذاكرة أجيال وأجيال من المواطنين الذين يقدرون الأعمال الوطنية وعلى رأسهم ولي أمرنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) .
(*) بريدة - نادي القصيم الأدبي