كان يقول عن نفسه: «كنت أعمل في الصباح، والمساء. وأبيع، وأشتري في أعمال بسيطة، كبيع المفاتيح، والأقفال، وبعض الخردوات». فقاده بيعه - ذاك - إلى تأسيس إمبراطورية تجارية - كبرى - لها بصماتها، استطاع - من خلالها - أن يرسم مسارا مميزا في عالم التجارة، فكان - بحق - أحد العمالقة المؤسسين للأعمال المصرفية.
«صالح بن عبد العزيز بن صالح الراجحي»، لم ينقش اسمه في صخر، وإنما في ذاكرة التاريخ. فهو من تعجز الكلمات عن وصفه، ووصف أعماله الدعوية، والتعليمية، والاجتماعية، والصحية. وستتوارى خجلا أمام شموخ رعايته، لكل عمل خير. فهو بإيجاز: بحر العطاء الزاخر، المتدفق - دوماً - كرماً، وسماحة. ولا أبالغ إن وصفته، بأنه: «رمز الإنسانية في معناه الشامل»؛ لأنه امتلك المقومات الأساسية لأي نجاح، فأثمرت فكراً صائباً، وعملاً سديداً. فما بالك وقد صادفت إرادة صادقة، وروحاً مخلصة.
بوفاته، زاد المشهد حزناً في ليلة مشهودة. وانكسرت أضواؤها في أجوائها، بعد أن رسمت ريشتها الساحرة لوحات، تفوح بالذكر الحسن. فهو النبيل الذي تسيد الكرم بعطائه، وتوج الابتسامة بصدق حفاوته.
رحل عن دنيانا، وليس من أهلها إلى غرفة الغروب، حين توقفت أنفاسه، لكنه احتل من القلب سويداءه، ومن العقل إيحاءه. ويبقى عزائي، بأن: الدنيا لا تدوم لأحد، ولا يبقى بعدها سوى العمل الصالح، والصيت الحسن، مما يخلد الله به الذكر، ويرفع به المنزلة - بإذن الله -. وسوف تنطلق إلى السماء دعوات لا حصر لها، بأن: يورده الله موارد الكرام البررة، وأن يجعله من المطهرين، وأن يخلف الأمة من أمثاله.