تغير زمنهم عن زمنك فلن تحظى من ابنك بهز رأسه سمعاً وطاعة، قبل أن تمنحه وقتاً للنقاش.., وغالباً تخرج مهزوماً مدحوراً، حين يسألك ما الذي قدمته لي لأستطيع خوض لجج زمني والسباحة في بحوره..؟
وتغير زمنك إذ هرول بعداً عنك ووقفت بينه وبين زمن ابنك على خط التماس..
فكلما مر يوم بليله الطويل عليك وأنت تفكر، جاءك النهار بسرعته وزخمه وامتلاءاته ليهز كتفيك: استيقظ، فزمن ابنك ليس زمنك..
هذا أنت أبوه وأمه، وكذلك هو معلمه، ومربيه...
يتسارع الزمن بمنجزاته، وإفرازاته، بأوجه تغيره ومنتجاته، بكل ما فيه من أفكار، وأحداث، بكل ما يبصمه من علامات، ويشكله من انحناءات، في مسارات المكتسب، والمنتج، زمن الرأي المؤسس عن كل الآراء التي يسمعها، ويتلقاها، في جلوسه إلى التلفاز الكروي، وإلى الهاتف الرحال، وإلى النت المكوكي، وإلى الصاحب المطلع, وإلى المؤلف المجدد، وإلى الشاعر الكاشف، وإلى الروائي المتسلل الهاتك،..
زمن القناعة المنسوجة بكل خيوط التقارب.., والتواصل.., والتعارف.., في قبضة تضم الأرض بمن فيها بين يديه..
زمن لا يمكنك أن تتوحد بابنك وتلميذك، وتجعله في محمية مغلقة على ما تظن أنه المثالي, والأنقى, والأفضل..
فلا أفعل تفضيل في زمن ابنك وتلميذك إلا ما يستخدم فيه كل جوارحه, وحواسه, ومداركه..
زمن الشفافية، والثقة تمنحها في مواقفك كلها معه وله.., لتضمن أن يقف لك, ويصغي لما تقول،.. ويثق فيما تقول.., فلا تصطدم معه بزمنه،.. فزمنه عنده الأفضل، والأكثر فرصاً لإثبات الذات، وممارسة استنشاق الهواء الذي يميل للجهة التي يأتي منها..
تغير زمنهم، واختلف عن زمنك.., ما لم تكن حصيفاً واعياً، مواكباً مستلهماً، صادقاً مع واقعك، غير متجاف معه،... فلكل زمن موجبات الحياة فيه.., وأهمية التفاعل معها كيفما يوظفها في سعادة إنسانه..
زمنهم مدرسة جديدة..
فلتزج بنفسك فوق مقاعدها.., ولتتعلم كيف الوصول لابنك وتلميذك،..
إن شئت أن لا تختلف بكما المراكب، ولا تفرقكما المحطات...
ولا تتشتتان أبداً...