بعد توديع ثلاثة زوار من زملاء الوظيفة المتقاعدين ظهر يوم السبت 9-3-1432هـ والاستمتاع باسترجاع ذكريات بحلوها ومرها، وقد أصبحت محل شوق لذكراها.. فوجئت بمهاتفة تلفونية من الابن: سعود بن عبدالعزيز الماضي يخبرني برباطة جأش عن حادث أليم حصل قبل دقائق لابنه (عبدالعزيز) الطالب في السنة الثالثة ثانوي ومفارقته للحياة، ويا لهول ما سمعت وما أشد عجبي لقوة تماسك الوالد المفجوع، وتسمرت في مكاني مشدوهاً لا أقدر على شيء.. ليدلف إلى مكتبي الابن ناصر الطالب الجامعي يتساءل: ما بك يا أبي؟ فأخبره ويتهالك على كرسيه صامتاً وواضعاً رأسه بين كفيه.. ليَتَدَاعى الخبر، وأظَلُّ أنظر في صورة أخي عبدالعزيز الجد المتعلق بهذا الشاب منذ صغره، وكأني به الصابر المحتسب، ووالدته الحزينة التي تذرف دمعها سخيناً ضارعة إلى الله له بالمغفرة، ولها ولوالده بالصبر والثبات والعوض من رب العباد.
شاب في ريعان شبابه شغوف بتحصيل العلم والمعرفة، ومتطلع بعد شهور أن يلتحق بالكلية العسكرية ليساهم في خدمة وطنه، ونظرة والديه وأعمامه لمثل هذا الطموح.. ليختاره جَلَّ وعلا إلى جواره مغفوراً له بإذنه تعالى، ومعوضاً والديه بأحسن ما يُجزى به الصابر المحتسب.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لقد غالبتني أحزان وأشجان، وذهب بي خيالي كل مذهب وأنا أسبح في عِقدي الثامن.. إلى أزمنة منها البعيد والقريب، وذكريات لأحداث وحوادث ومواقف مروعة وموجعة، وكان التجاوز لها بتوفيق من الله، والعوض عنها جاء مضاعفاً.. فهل من صبر واحتساب.. أرجو الله أن يمنحنا ذلك.
ولك يا أخي عبدالعزيز ويا ابني سعود ويا أم عبدالعزيز.. عزائي وتمنياتي لكم بالصبر والسلوان إنه سميع مجيب.
عبدالله بن عبدالمحسن الماضي