هل الحق مع الرئيس المتنحي الذي يعرف من بواطن الأمور وعظائم الشرور الخارجية والمخاوف والمحاذير الداخلية ما لا يستطيع البوح به للمحكومين في هذا الزمن بالذات وسيدونه في مذكراته للأجيال القادمة، أم أن الحق مع الشعب الثائر من أجل الحرية وفي سبيل الكرامة وحياة العزة ولقمة العيش الحلال والمطالب بتغيير النظام وتبديل عدد من فقرات الدستور؟
هل الحق أن الثورة هي نتيجة طبيعية لاحتقان شعبي واسع نتيجة غياب العدل وجثمان الظلم على الكثير من أفراد الشعب وعدم تحقق عدالة التوزيع بين الطبقات والمحافظات والأحياء والمواطنين جراء تسلط الرئيس ورجاله ومن حوله أم أن هناك جهات أجنبية لعبت دوراً أساسيا في تحريك الشارع المصري لظروف المرحلة ومستلزمات اللعبة الدولية في قرننا الحالي؟
هل الحق أن كل ما حدث مجرد رغبة شعبية صرفة وشأن داخلي فوق تخطيط الدول سواء أكانت كبيرة أم صغيرة أم أنه مخطط أمريكي منظم خطط له مع بداية 2008م ودرب شباب متحفز على آلية قيادة المظاهرات المنظمة وتحريك الشارع ودغدغة مشاعره بشكل يأجج النفوس ويهز عرش كرسي الرئاسة ومن ثم يسقطه وبثورة بيضاء نقية؟
هل الحق أن ما حدث في مصر جاء متأثراً بثورة تونس وهروب الرئيس السابق بن علي أم أن التخطيط لخلع الرئيس مبارك كان سابقاً لانطلاقة الثورة الشعبية التونسية بأشهر معدودة؟
هل الحق أن الإخوان الذين عرفوا عبر التاريخ المصري الحديث قدرتهم على النفوذ والتغلغل داخل صفوف الجماهير وبين الناس في أحيائهم البسيطة لا مطمع لهم بالوصول إلى سدة الحكم وأنهم لا يمثلون قوة سياسية في وقتنا الراهن مع أنهم طالما تطلعوا لمثل هذه الفرصة أم أن الأمر خلاف ما قيل وسيختلف الحال في القادم من الأيام؟
هل الحق مع الإعلام الموجه للثورة الشعبية والمبارك والمحفز لاستمرارها وتقوية أور المعركة وازدياد لهيبها أم مع القنوات المحايدة التي حاولت في نقل وجهة نظر الطرفين بكل مصداقية وشفافية ودون تدخل أو توجيه حتى النهاية أم أنه مع الإعلام الصامت والمعرض عن الأزمة وكأن الأمر لا يعنيه لا من قريب أو بعيد؟
هل الحق مع الدول التي بادرت وباركت للشعب انتصاره في معركة 25 يناير أم مع من تريث ولزم الصمت حتى استقرت الأمور في ثوبها الجديد أم أنه لا مع هذا ولا مع ذاك بل مع من ما زال بعيداً عن هذا الملف السياسي الحذر ؟
هل حقاً أن سقوط نظام الحكم المصري وتنحي الرئيس هي رغبة الشعب المصري ككل أم أن هؤلاء المتظاهرين يمثلون الأكثرية أم لا هذا ولا ذاك بل مجرد مؤجرين وخلفهم أناس شاهدوا الناس في الشوارع والميادين يهتفون ويصرخون فهتفوا ورفعوا الرايات وتجمهروا مع الآخرين؟
هل حقاً أن ردود الفعل العربية في عدد من الدول مؤشر على احتقان داخل حدود هذه الدول ولدى غالبية شعوبها وأن ما حدث دليل على أن وضع الكراسي فيها في خطر، وإذا لم تصحح مسارها وتعيد النظر في نظامها والمطبقين له فيومها قريب؟
هل الحق فيما بادر إليه عدد من رؤساء الدول من تغيير وزاري أو محاولة لعلاج مشاكل اقتصادية أو تقديم مساعدات مالية أو... أو مع من ترك الأمور على حالها وكأن ما لديه من إشكاليات مجتمعية لا ترقى إلى أن تكون سبباً للاحتقان ومن ثم البحث عن منافذ الحرية في يوم من الأيام والتعبير عمّا في النفس بأي طريقة تراها شعوب تلك الدول؟
هل الحق أن ملفات الفساد المصري موجودة بجميع أوراقها وسيحاسب كل من شارك في تلطيخ صفحات الماضي في ظل حماية الحكومة السابقة أم أن الزمن كفيل بنسيانها وإهالة التراب عليها كما رحل أصحابها وانتزعت منهم الكراسي عنوة وبقوة الشعب؟
هل الحق أن القادم جزماً أحلى وأن في الإمكان صناعة تاريخ جديد لمصر يمنح المواطن حقوقه ويقضي على الفساد ويصلح ما سود ثلاثون عاماً تحت حكم الرئيس المخلوع أم أن الحال لا سمح الله سيظل يراوح مكانه وربما كان أسوأ مما كان وهذا ما لا يتمناه أحد أبدا؟
هل الديمقراطية هي المشروع المطروح للخروج من نفق الأزمة أم أن هناك مشاريع أخرى ناجزة وجاهزة للتطبيق سوف يسوق لها في غضون الأيام القليلة القادمة، وعلى افتراض أن الديمقراطية هي الحل فأي ديمقراطية ستطبق هل هي الليبرالية أم الاشتراكية أم أنها العربية في نسخها وتجاربها العديدة والمعروفة والتي كانت وما زالت عاجزة عن الوفاء بمتطلبات الشعوب ولم تنل منها الأوطان سوى التخلف والانهزامية والهوان؟
هل الحق أن دول المنطقة تمر بمرحلة متقدمة من الاحتقان الشعبي ولديها القابلية لمثل ما حدث لا سمح الله أم أن الأمر يختلف في مصر عنه في دول الخليج خاصة وعالمنا العربي على وجه العموم؟
طبعاً لكل شخص تحليله ولكل منا وجهة نظره والمنتديات واللقاءات والمقالات والجلسات الخاصة بل وحتى العامة خير شاهد على تباين وجهات النظر واختلاف الأقوال، إذ أن هناك المتفاءل والمتطلع لزمن الحرية المنشود، والبعض متشائم ومتوقع حال شبيهة بالعراق لا سمح الله، وثالث متعجب من سرعة الأحداث وغرابتها فالثورة الشعبية حدثت في دولتين عربيتين في فترة زمنية متقاربة وفي ظل نظام أمني عرف بدقته وقوته وتميزه، ورابع... وخامس... والكل متفق على أن هذا هو حال الدين وإلى لقاء والسلام.