ينصره من يؤمن بقضيته..
وقضية المرء شأن يعنيه، غير أنها حين تمس الحياة التي يعيشها في المجتمع الذي يتفاعل معه، ويتقاسم فيه الرغيف، والكلمة، وقطرة الدم، ونسمة الحياة، وحبة الدواء..، تخرج القضية عن إطارها الضيق لتسع كلاً من كل الأفراد، وكل المجتمع من كل الوطن، وكل الوطن من الفرد، فالمجموعة، فالجماعات، فالشعب...
ينصره عندها حقه، قبل أن ينصره هو، فإن لم ينصره بأنظمة عادلة، واضحة، شفافة، شاملة، خالية من الغش الذي وجوده في أنسجة العلاقة يخرج عن لحمتها شرطاً تشريعياً إلهياً، منزهة عن الظلم الذي يحيد عن النور فيوجب ظلمات الآخرة قبل الدنيا..، مرسومة على خطى منهج الله في بناء الأمم تلك التي انتصرت به، وتوسعت بانتشاره، ونهضت بدعائمه، وسادت بعلومه، وقويت بأسسه...
فإن لم تنتصر الأنظمة المتماسة بحق المرء في الحياة الكريمة، بقيامها على العدل، والشفافية، والنزاهة، والأمانة، فإن المرء سينتصر لحقه، وهو عندها ليس واحداً من الكل، وليس الكل من المجموعة والجماعات، بل الكل من الشعب...
على مدى الحياة، وفي حقب التاريخ قضايا الإنسان محاور الثورات، واستثارة مكامن ما لها من الحق في قضاياها، وما عليها، واحد في مقابل الآخر، حياة كريمة، أو مواجهة حاسمة..
فالنصرة للحق وفيه، واسطة عقد الحياة، كل حبة فيه، منوطة بجزء من شروط معاشها الأمثل، الأطيب، الأفضل، الأوضح، الأنسب، والأحق...
نصرة المرء لنفسه، تعادلها نصرته لمن يقاسمونه مظلة الوطن، وموطئ القدم تحتها، حين تكون القضايا واحدة، والأرض واحدة، فإذن الشجرة منبتها ومظلها مرتبطان..، هذا ما تم في مصر وعلى كل أراضيها..
فالإيمان بالقضية حين ينبثق عن صدور تتقاسمها، تدك معاقد التآزر معها صدور كل من يتعرفها، فيؤمن بها،تماما هذا الذي حدث لقضية شعب مصر..
وتونس..،
داخل حدودهم، وتداعيات النصرة لهم خارجها...
فالحق أبلج، والأدلة منارات..
لكن النصرة حين تأتي من الله..،
فإنها الأبلج الأقوى..
وإنها الأثمر الأبهج...
إذ حين تأتي النصرة بمثل ما أتت به نصرة الشوارع المصرية، فإنه البيان الأشف، هو نصرة الله تعالى لهم..
نصرة تقول: إن الأخطاء غير المحسوبة لا تُذرا مع الريح، بل تتراكم فتدك أعتى الحصون فتنهار...
الآن، النصرة الأجدى، هي نصرة الكل للكل، والنفس المستقلة ليس لها فيما فعلوا الآن مكان.. حين تغلب القضية الأساس، تفاصيل القضايا الذاتية.
عسى للإخوة في مصر أن يعود لهم استقرارهم، وتتم لهم فرحة النصر، والنُّصرة.