يتزايد الاهتمام في أمر الإنترنت، ويصغي العالم بشكل مذهل لكل تحولاته ومخرجاته، ليزداد هذا العلم الجديد حضوراً وقوة في مسيرة البناء الصاعد للحياة العصرية التي باتت تعتمد على المعلومة الحديثة بصورة سريعة ومغايرة لمنطق الماضي وإرهاصات التثبت والتروي ومط شفاه الحكمة، فكلما زاد التعامل مع الإنترنت ازداد رسوخاً وتغلغلاً في أدق تفاصيل الحياة.
ومع تعدد فنون الإنترنت واتجاهاته وكثرة أغراضه وتشعب أنماطه نراه وقد كسب الجيل الجديد من صغار السن واليافعين بشكل كامل، بل لم يتوقف على هذه الفئة إنما استقطب الشريحة المتبقية بنسب مختلفة من متوسطي العمر وكبار السن من منطلق الحاجة إلى المعرفة، وضرورة التواصل مع هذا العالم الجديد.
فالشبكة العنكبوتية لم تعد ذلك البيت الواهي، إنما جد في كيانها أمور أخرى لا نجد بدا من التيقن بأنها دخلت في صلب الشأن اليومي للناس، بل رمز لها بالتواصل الاجتماعي عبر الماسن والفيس بوك والتويتر وما سواها من تقنيات اتصالية جديدة وذلك كناية عن أهمية هذا الدور الجديد للإنترنت.
فقد ظل التقليديون ممن يمارسون لهجة النقد والتحجيم لمثل هذه التحولات يسمونها بالترف أو مجرد إضافات شكلية على الحياة الإلكترونية، بل أن هناك من يزعم أنها نزوة تقنية ستعود إلى أحضان المألوف والعادي، إلا أنها أثبتت وبشكل مفاجئ ومذهل حضورها القوي في العلاقات الإنسانية والتداولات الجماهيرية حتى باتت تقود التحولات وتصنع الرأي، قَبِلَ المعارضون لها أم لم يقبلوا!!
وكمخرج لهؤلاء نراهم وقد بدؤوا يطنبون في وصف أهمية التوعية من أضرار «الإنترنت» وفعالياته وتداعياته، على طريقة شرح أضرار التدخين وكأن التاريخ يعيد نفسه حينما هب البعض في بيان محاذير الهاتف (الجوال أبو كاميرة) وما سواه من إرهاصات باتت أثرا بعد عين، لأن الزمن تجاوزها مبتسماً وهو يعد بالمزيد من التحولات الكونية.
كل هذا يحدث في أمر الإنترنت ولم نصل بعد إلى زمن «نيو ميديا» أو ما يعرف بعلم «الاتصال الحديث» الذي يبشرون في حدوثه قريباً أو بعد أعوام قليلة.. فكيف سنكون في ذلك الجو القادم من النقلات النوعية التي ستدشن علم الصغائر (النانو) ومخرجات كونية متناهية الصغر والجودة والكفاءة في بناء منظومة التواصل الاجتماعي الحديث جداً؟!