المؤسسات الإعلامية العربية في الأغلب ما زالت تتعامل مع الإنترنت والخدمات التفاعلية بجدية أقل، والخدمات تتشابه كثيراً في طريقة العرض، التي تعتبر نسخاً متطابقة، مع قليل من الابتكار والتجديد.
اليوم تظهر علاقتنا بالمواقع الإلكترونية وخدماتها، ومواقع التواصل الاجتماعي فاعلاً في علاقتنا بالأشياء من حولنا، ابتداء من بحثنا عن المعلومة وحجوزاتنا وأعمالنا، وحتى متابعتنا للإعلام والتعبير عن أفكارنا وحوارنا.
مع الأحداث الأخيرة ابتداء من تونس وثورة مصر وتبعاتها، سجلت الأرقام المعلنة على الإنترنت -اليكسا- لمواقع المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية قفزة هائلة في أرقام المتصفحين والزائرين والمنظمين لخدماتها وشبكات تواصلها.
الأمر الذي يظهر أن الإنترنت أصبحت الوسيط الأكثر شعبية من الصندوق الأسود، والذي لم يعد هو مصدر الأخبار للمشاهدين، بعد أن أصبحت القنوات الإخبارية تتبعهم عبر «تويتر» و «الفيسبوك»، أضف إليها محركات البحث التي أصبحت صفحة البداية للإنترنت، ومؤخراً أعلن محرك البحث قوقل عن توفير آلية ستسمح بتجاوز الحجب، خدمة ستكون عصية على المنع، وستصبح الأكثر شعبية.
رغم دخول توظيف الخدمات التفاعلية بشكل متأخر، إلا أن المواقع الإعلامية التابعة لمؤسسات صحفية ومحطات فضائية، رغم تشابهها في التقنيات المستخدمة -المستوردة- لناحية العرض والتوظيف، أصبحت تجذب أعداداً أوسع للتفاعل أو للمشاهدة الاختيارية لتقرير أو قصة مسجلة سبق للقناة أن بثتها.
العائد الذي تتحصل عليه الخدمات الإلكترونية للمواقع الإعلامية جيد، صحيح أنه لا يغطي التكاليف لمجمل القيم التشغيلية، لكنه لا يستثمر في تطوير الخدمات التقليدية، لتحريك عملية الابتكار، عوضاً عن استيراد الخدمات التي يمكن لأي مدونة أو موقع شخصي تقديمها.
الواضح أن المؤسسات الإعلامية لم تأخذ جوانب الإعلام الجديد وخدماته بجدية ترقى لتأثيره اليوم وحضوره في تشكيل الرأي العام إلا متأخراً وبعد أن أدركت حجم الزخم الذي تحمله، وحجم الجمهور الذي تستقطبه وتحركه.
وهو ما يمكن تشبيهه -بالنظرة المتواضعة والسطحية للدول العربية اتجاه جيل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بأدواتهم الراهنة والمستقبلية، وهو ما يفسر حجم المفاجأة التي وجدوها حين رفع الشباب أصواتهم.
أحدث تشرح للفجوة التي اتسعت، وسط تواضع إمكانية فهم المجتمع الافتراضي الجديد. فجوة لن تردم، رغم أحداث الشارع التونسي والمصري، والتي كانت انطلاقتها الأولى والكبرى عبر النت والهواتف المتنقلة، والتي أظهرت قدرات هذا الجيل على التحول والانتقال من الوسط الافتراضي، من احتجاجات وانتفاضة إلكترونية، إلى الواقع.. حيث الشارع..!
إلى لقاء..